الجمعة 08 يونيو 2018

سحب قانون ضريبة الدخل ينزع فتيل الأزمة في الأردن

سحب قانون ضريبة الدخل ينزع فتيل الأزمة في الأردن

سحب قانون ضريبة الدخل ينزع فتيل الأزمة في الأردن

نزع تعهد رئيس الوزراء الأردني المكلف، عمر الرزاز، بسحب مشروع قانون ضريبة الدخل فتيل الأزمة بعد أسبوع من الاحتجاجات في الأردن، لكن هامش المناورة أمامه محدود في بلد تجاوز دينه العام 35 مليار دولار.
وأثار مشروع قانون ضريبة الدخل، الذي أعلن الرزاز أمس الأول نيته سحبه، والذي يتضمن زيادة الاقتطاعات من دخل الأفراد بنسب تتراوح بين %5 وحتى %25، احتجاجات لم تشهدها المملكة منذ سنوات، كان أبرزها عام 2011 إثر رفع الدعم عن المحروقات.
ولم تشهد العاصمة عمّان لأول مرة منذ أسبوع أي احتجاجات تذكر أمس الأول، وأعلن الرزاز أن سحب القانون «غير العادل» سيتم عقب أداء القسم أمام الملك الأسبوع المقبل.
ويقول أحمد عوض، مدير مركز «الفينيق للدراسات الاقتصادية والمعلوماتية»، إن «مشروع القانون كان الشعرة التي قصمت ظهر البعير، لأنه يوجه ضربة قاصمة للطبقة الوسطى بشكل رئيسي، ولهذا رأينا النقابات والجمعيات العمالية انتفضت ضده».
وأوضح عوض أن «الأردن ومنذ ثلاثة عقود يطبق سياسات اقتصادية غير شعبية، وهو يعمل منذ 1989 بناء على توجيهات صندوق النقد الدولي».
والتزمت المملكة المحدودة الموارد، التي تعتمد بشكل كبير على مساعدات خارجية خاصة من واشنطن والاتحاد الأوروبي ودول خليجية، بتوجيهات الصندوق لإصلاحات اقتصادية تخفض العجز السنوي مقابل الحصول على قروض.
وأشار عوض إلى أن «الأمور تفاقمت في آخر عامين، والسياسات الاقتصادية باتت أكثر قسوة وأبرزها تقديم الحكومة مشروع قانون ضريبة دخل غير عادل».
وأكد أن «القانون يفتقر إلى أبسط قواعد العدالة الضريبية، وكان سيزيد التباطؤ الاقتصادي من خلال إضعاف القدرات الشرائية للمواطنين، مما ينعكس على تعميق حالة التباطؤ والتراجع الاقتصادي الذي يشهده الاردن».
وسجل معدل النمو الاقتصادي في الأردن عام 2017 نحو %2، ويتوقع ان ينخفض عن %2 لعام 2018.
وتراجع معدل الاستهلاك بداية شهر رمضان الجاري بنسبة %20 مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فيما غابت الخيم الرمضانية عن المشهد هذا العام.
كما تراجع التداول العقاري، وهو من القطاعات الأهم والأنشط في الأردن، منذ مطلع العام بنسبة %10، فيما تراجع العام الماضي بنسبة %18.

استفزاز للناس
ويتفق المحلل لبيب قمحاوي مع عوض، ويرى أن «مشروع القانون غير عادل، وفجر الأمور واستفز الناس»، معتبراً أنه «كان من غير الممكن أن يقر بشكله هذا، لأنه قانون عرفي وجبائي جنائي، الأصل فيه الجباية والعقوبة».
وأضاف أن «ما حصل الأسبوع الماضي يحصل لأول مرة في تاريخ الأردن، فقد التقت كل طبقات الشعب من أغنياء وفقراء وطبقة وسطى من مختلف القطاعات ضد هذه السياسات».
وأشار قمحاوي إلى أن «الحكومة كانت ستضرب الشعب بكل قطاعاته، وهذا ما قاد إلى إجماع ضدها كونه الشعب لم يعد يحتمل».
ورأى أن «الشعب أدرك قوته وهو يستعيد قوته التي سلبت منه على مدى سنوات طويلة، لا أحد يقبل تخريب البلد، ولا أحد يريد الإخلال بأمنه، لكن لا أحد يقبل أن تبقى الحال على ما هي عليه».
ووفقاً للأرقام الرسمية، ارتفع معدل الفقر مطلع العام إلى %20، فيما ارتفعت نسبة البطالة إلى %18.5 في بلد يبلغ معدل الأجور الشهرية فيه نحو 600 دولار، والحد الأدنى للأجور 300 دولار.
واحتلت عمّان المركز الأول عربياً في غلاء المعيشة، والثامن والعشرين عالمياً، وفقاً لدراسة نشرتها مؤخراً مجلة «ذي ايكونومست».

هامش مناورة محدود
لاقى إعلان الرزاز بخصوص التوافق على سحب المشروع، ارتياحا لدى الجميع، لكن الأمر لا يقف عند ذلك، فالمهم هو «تغيير النهج».
ويقول المحلل السياسي، عادل محمود، إن «سحب القانون الضريبي لا يعني بالضرورة نهاية الأزمة، هناك مطالب واسعة بتغيير النهج، وإعادة إنتاج سياسيات اقتصادية جديدة».
وأضاف «ليس أمام الرزاز إلا مسارين لا ثالث لهما، أولاً اختيار فريق اقتصادي رشيق يصحح الأخطاء لسياسات الحكومات السابقة التي لم تجد سوى جيب المواطن كحلول».
وأكد اهمية الوصول لـ«فريق اقتصادي يرسم خريطة طريق تقود البلاد نحو الاستقرار الاقتصادي»، أما المسار الثاني «فهو اختيار شخصيات سياسة واجتماعية تكون مؤثرة ومقبولة من الشارع».
ويقول قمحاوي إن «الرزاز رجل مهذب ونظيف اليد ومتعلم، لكن هامش حركته صعب جداً ومحدود. منصبه بحاجة إلى وحش (رجل قوي) يواجه الوحوش من جماعة الفساد والبنك الدولي ومراكز القوى».
وأضاف «إذا أراد الرزاز الإصلاح فهو بحاجة إلى التصدي لهؤلاء ويواجههم بصلابة».

مهمة صعبة جداً
ويتفق معه احمد عوض، ويرى أن «مهمة الرزاز صعبة جداً، لكنها ليست مستحيلة والمطلوب من مراكز القوى في الدولة التنبه إلى خطورة استمرار الأوضاع على ما هي عليه وإعطاءه الولاية العامة التي يجب أن يتمتع بها».
وأضاف أن ذلك سيمكنه من «فتح حوارات وطنية مع مختلف الشركاء بكامل الحرية من دون تدخل الأجهزة الأمنية، بحيث أن يكون هناك تطوير لسياسات ذات طابع تسووي توافقي بين مختلف الأطراف».
ويعاني الأردن أزمة اقتصادية فاقمها في السنوات الأخيرة تدفق اللاجئين من جارته سوريا، اثر اندلاع النزاع عام 2011، وانقطاع إمدادات الغاز المصري، وإغلاق حدوده مع سوريا والعراق بعد سيطرة تنظيم «داعش» على مناطق واسعة فيهما.

جميع الحقوق محفوظة