الاثنين 16 يوليو 2018

ختام روسيا 2018.. سقوط الكبار والنتيجة بطل لم يخالف التوقعات

ختام روسيا 2018.. سقوط الكبار والنتيجة بطل لم يخالف التوقعات

ختام روسيا 2018.. سقوط الكبار والنتيجة بطل لم يخالف التوقعات

أسدل الستار ليل أمس على فعاليات كأس العالم ال21 بكرة القدم والتي استضافتها روسيا على مدى 32 يوما وتحديدا من 14 يونيو الماضي وحتى 15 يوليو الجاري وشهدت الكثير من الإثارة واعتبرت إحدى أفضل الدورات التي شهدتها البطولة على مدى تاريخها الممتد ل88 عاما. وكان مسك الختام بتتويج المنتخب الفرنسي بلقبه الثاني بعد 20 سنة بالتمام والكمال على إحراز لقبه الأول على أرضه في عام 1998 فيما كانت المفاجأة باحتلال المنتخب الكرواتي المركز الثاني ونظيره البلجيكي المركز الثالث ليتفوقا بذلك على منتخبات عريقة اقترنت اللعبة وبشكل خاص كأس العالم باسمها. ويمكن اعتبار (روسيا 2018) بطولة المفاجآت الكبيرة وسقوط المنتخبات الكبرى وانتفاضة تلك الأقل منها شأنا كما يمكن اعتبارها بطولة الدقائق القاتلة بعد أن شهدت الكثير من مبارياتها تحسم في الثواني الأخيرة أو حتى في الوقت المحتسب بدلا عن ضائع. في كل بطولة من بطولات كأس عالم تبرز أسماء منتخبات ولاعبين على أنهم سيكونون في الصف الأول وهو أمر طبيعي ولطالما كانت الترشيحات في الدورات الماضية تصب في مصلحة منتخبات البرازيل وإيطاليا وألمانيا والأرجنتين وفرنسا واسبانيا وهولندا وحتى البرتغال وانجلترا. وفي هذه البطولة لم يكن الموضوع مختلفا حث تم طرح الأسماء المذكورة طبعا دون إيطاليا وهولندا اللتين لم تنجحا وللأسف في التأهل من الأساس. ولكن مع بداية المباريات بدا أن هناك خطبا ما في المنتخبات الكبرى أو لنقل في معظمها فباتت الشكوك تحوم حول تمكنها من المنافسة الحقيقية ورغم بعض اللمحات التي قدمتها في لحظات أو مباريات معنية إلا ان مصيرها كان آيلا الى السقوط ولكن بدرجات متفاوتة. وبدأ مهرجان سقوط وخيبات الكبار مع حاملة اللقب ألمانيا التي أصابتها اللعنة المستمرة وفشلت في اجتياز الدور الأول لتتواصل في الدور الثاني من خلال استبعاد الأرجنتين واسبانيا والبرتغال ثم الخروج المدوي للبرازيل ومعها أوروغواي في ربع النهائي. هذا السقوط قابله بروز لمنتخبات تعتبر من المتوسطة من حيث التصنيف ولكنها قوية ولكن كان مستبعدا ان تحقق أي إنجاز نظرا لتاريخها المخيب في البطولات الأخيرة وخص هنا بالذكر منتخبا بلجيكا وانجلترا. لكن يبدو أن هذين المنتخبين ومعهما بالطبع منتخب كرواتيا قلبا الأوضاع رأسا على عقب ووصلوا كلهم الى نصف النهائي الى جانب فرنسا القوية ليقدموا رباعيا خاليا من أي من المنتخبات الكبرى المذكورة آنفا لأول مرة في تاريخ الكأس. هنا يطرح السؤال هل نحن على عتبة تحول في عالم الكرة وربما نقل الأمانة من جيل قديم من المنتخبات الى جيل جديد؟ في الواقع لا يمكن الذهاب الى هذا الحد من التطرف إذ أن كل ما جرى هو مفاجآت قد تكون أسبابها سوء تعامل أو تقدير من المنتخبات الكبرى التي لا يزال لديها لاعبين بارزين وهي قادرة على تعديل الأوضاع وتغيير الصورة في أي وقت كما أن فرنسا الفائزة هي أحد هذه المنتخبات الكبرى وهذا الأمر يثبت أنها لا تزال هي الأقوى. لا يمكن القول أيضا أن هناك تغييرا أو تحولا إذ أن المنتخبات التي وصلت الى مراكز متقدمة قد لا تكون قادرة على تكرار هذه النتيجة في السنوات القليلة المقبلة وقد تستغرق عقودا حيث أنها تعتمد على أجيال ذهبية وليس على استمرارية يجعلها حاضرة دائما. ففي تحليل بسيط كانت مشكلة ألمانيا خطأ في الحساب بين كيفية دمج الجيل الناشئ مع الجيل القديم وكلاهما جيد وكذلك في الإصرار على بعض اللاعبين البعيدين عن مستواهم في حين كان خطأ الأرجنتين في مدربها وخياراته الخاطئة حتى منذ ما قبل بداية البطولة وهو واصل الخيارات المربكة التي دفع ثمنها غاليا. بالنسبة لإسبانيا فإن التغيير في الطاقم التدريبي الذي جرى قبل يومين فقط من انطلاق البطولة لا بد أنه أثر كثيرا وجعل الأجواء غير مناسبة لخوض منافسات على هذا المستوى الأعلى في العالم بينما تمثلت مشكلة البرتغال في عدم وجود لاعبين كفوءين في مختلف الخطوط ما لم يساعده على تكرار مفاجأة الفوز بالكأس الأوروبية. البرازيل كانت بين المرشحين الأبرز ومع مرور الوقت وسقوط الكبار باتت المرشح الأول ولكن ربما كان الاعتماد المتزايد على نيمار دا سيلفا وتراجع مستوى الأخير مع بعض زملائه الذين أصر عليهم المدرب هو الذي أخرجهم. أما أوروغواي ففي حين كانت الأمور تسير على ما يرام قد تكون إصابة المهاجم إدينسون كافاني وغيابه عن مباراة فرنسا شكلت الضربة القاضية لمنتخب لم يكن لديه البديل القادر على التغطية. في المقابل حقق منتخب بلجيكا ما كان متوقع منه وكان بالفعل "الحصان الأسود" وكاد أن يصل الى النهائي لولا فرنسا التي منعت كرواتيا من ذلك أيضا. المنتخب الإنجليزي الذي لم يعد منذ زمن من المنتخبات الكبرى رغم ورود اسمه في قائمتها فإنه استعاد في هذه البطولة بريقه المفقود منذ سنوات وربما يكون هذا الجيل الجديد هو الذي سيحقق الإنجازات في المستقبل القريب شرط حمايته من المحيط المؤذي. هذا بالنسبة للمنتخبات أما فيما يتعلق بأبرز اللاعبين فقد اثبتت هذه البطولة مرة أخرى انها مختلفة كليا عن الدوريات الأوروبية وأن من يبرز هنا قد لا ينجح هناك والعكس صحيح أيضا حيث أن نجوما كثر أتوا الى كأس العالم وعادوا بخفي حنين دون أن يكون لهم أي تأثير وهنا تحضر أسماء كثيرة لا مجال لذكرها. وفي الحديث عن البطولة بذاتها فهي كانت من أفضل البطولات في العصر الحديث ويعني به من فترة السبعينات من القرن الماضي وحتى اليوم حيث ان اللعب كان هجوميا بالمطلق وكان الاستمتاع عنوان المباريات بشكل عام الى حد أن مباراة واحدة فقط انتهت بالتعادل السلبي وكانت غير ذي أهمية بين فرنسا والدنمارك وكان هدفها تحديد المتصدر عن المجموعة بعد تأهلهما معا الى الدور الثاني. التنظيم بدوره كان على مستوى عال حيث كانت كافة وسائل الراحة مؤمنة وأبرزها وسائل النقل خاصة ان روسيا أكبر بلد في العالم من حيث المساحة (نحو 17 مليون كيلومتر مربع) والمباريات تقام في 11 مدينة و12 ملعبا. في التتويج وإضافة الى فوز فرنسا باللقب واحتلال كرواتيا مركز الوصيف وبلجيكا المركز الثالث (ويصادف ان تصنيفها ثالثة في قائمة الفيفا أيضا) وانجلترا في المرتبة الرابعة وزعت جوائز فردية. وكانت أولى تلك الجوائز أفضل لاعب في البطولة التي نالها الكرواتي لوكا مودريتش تلتها جائزة أفضل هداف في البطولة التي أحرزها الإنجليزي هاري كين. أما أفضل حارس مرمى فكان البلجيكي تيبو كورتوا بينما اختير الفرنسي كيليان مبابي أفضل لاعب ناشئ ومنحت جائزة اللعب النظيف الى منتخب اسبانيا. هناك إحصاءات أخرى خرجت بها البطولة ومنها أنه تم تسجيل 169 هدفا في مبارايتها ال64 أي بمعدل 64ر2 في المباراة الواحدة في حين بلغ عدد البطاقات الصفراء 219 (بمعدل 5ر3 بطاقة في المباراة) و4 بطاقات حمراء. كما بلغ إجمالي التمريرات التي شهدتها مباريات البطولة 49651 تمريرة أي 8ر775 تمريرة من المباراة الواحدة. ومن إحصاءات المنتخبات أن منتخب بلجيكا كان الأكثر تهديفا بواقع 16 هدفا فيما كان منتخب كرواتيا الأكثر هجوما بإجمالي 352 هجمة. وكان منتخب إنجلترا الأكثر تمريرا بواقع 3336 تمريرة فيما الأفضل دفاعا مرة أخرى كان المنتخب الكرواتي الذي نفذ 301 إبعاد أو صد أو إنقاذ للكرة. وفي إحصاءات اللاعبين فإن الإنجليزي هاري كين أحرز الحذاء الذهبي كأفضل هداف بواقع 6 أهداف بينما كان البرازيلي نيمار أكثر لاعب سدد على المرمى بواقع 27 محاولة. وكان إيفان بيريسيتش هو اللاعب الذي قطع أكبر مسافة بلغت 72 كيلومترا فيما كان أكبر عدد صدات للكرة من الحارس كورتوا حيث نجح في إنقاذ 27 تسديدة. هناك الكثير من الارقام التي شهدتها البطولة فيما يتعلق باللاعبين والمنتخبات وبعضها حطم أرقاما قياسية سابقة لكنها كثيرة وتحتاج الى مساحات كبيرة لذكرها ما يدل على أن روسيا حفرت بصماتها وأثبتت عن قدرات هائلة والى اللقاء قي دولة قطر بعد أربع سنوات أو بعد ثلاث سنوات ونصف لأن البطولة ستقام في فصل الشتاء.

جميع الحقوق محفوظة