الأربعاء 03 يوليو 2019

ترامب يتخيّل حرباً سريعة من دون «خطة بديلة» ... ولكن ماذا عن «الخطة ب» الإيرانية؟

ترامب يتخيّل حرباً سريعة من دون «خطة بديلة» ... ولكن ماذا عن «الخطة ب» الإيرانية؟

ترامب يتخيّل حرباً سريعة من دون «خطة بديلة» ... ولكن ماذا عن «الخطة ب» الإيرانية؟

في رسالةٍ من رسائله المميَّزة عبر «تويتر»، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قدرةَ جيشه على استخدام القوة النارية التي تسبّب «الإبادة» ضدّ إيران إذا لزم الأمر وفي حال الحرب بين البلدين. علاوة على ذلك، يَعتقد دونالد ترامب أن الحرب لن «تدوم طويلاً». ويدلّ كلا التصريحين على أن الإدارة الأميركية تدرك عدم قدرتها على هزيمة ومواجهة إيران بالقوة التقليدية، وبالتالي هذا ما دفع الرئيس الأميركي لإعلان إمكان استخدام القوة النووية التكتيكية ضدّ إيران كما فعلت أميركا ضدّ أفغانستان والعراق ولبنان (عام 2006). بالإضافة إلى ذلك، فقد أخبر ترامب الصحافة أنه «لا توجد خطة ب» ضرورية لأنه يعتقد أن طهران ستستسلم في وقت قصير من بداية الحرب المحتملة، وهو ما يدلّ على أن التاريخ لا يؤخذ في الاعتبار عند المسؤولين الأميركيين الذين اتخذوا الافتراضات نفسها في الحروب السابقة، وبالأخص في أفغانستان ومحاولة تغيير النظام في سورية. ولكن كيف ستردّ إيران؟ وما الخيارات المتبقية لها اليوم؟ لا شك في أن الإدارة الأميركية تركّز على القوة العسكرية بدل استكشاف جميع السيناريوات المحتملة ورد الفعل الإيراني. وإذا ذهب ترامب إلى الحرب فإن الشرق الأوسط سيواجه ظروفاً صعبة جداً، يبدو أن الرئيس الأميركي لا يأخذها في الاعتبار. عندما أطلق الرئيس الأميركي السابق جورج بوش الابن «عملية الحرية الدائمة» العام 2001، اعتقد أن حربَه ضدّ أفغانستان ستكون نزهةً في الحديقة. وحتى يومنا هذا، بعد 18 عاماً، يفاوض ترامب، حركة «طالبان» في محاولة لإنهاء الحرب المستمرة. وبعد بوش اعتقد الرئيس باراك أوباما ومسؤولو الأمم المتحدة أن سقوط الرئيس السوري بشار الأسد سيكون «مسألة وقت». ويقول ترامب إنه سيقصف إيران بدل إرسال قوات لاحتلال أي جزء منها، سواء على الساحل أو في الداخل، مما يحدّ من تدخله على الأرض، وتالياً فإنه سيدمّر «بنك الأهداف» الجاهز لدى جيشه. وهذا يدلّ على أن الرئيس الأميركي يعتقد أن القصف السريع والمدمّر سيكون حاسماً وكافياً لإقناع طهران بصرف النظر عن الردّ المماثل والعضّ على الجرح وبالتالي الذهاب ذليلة إلى طاولة المفاوضات. ولكن ماذا عن استيعاب إيران للضربة الأولى والموجة القاصفة مهما كانت مدمّرة والمبادرة بإطلاق صواريخ «كروز» ضد الأهداف الأميركية في المنطقة؟ لا شك في أنّ أي هجومٍ أميركي من شأنه تدمير منشآت النفط الإيرانية وقواعد إطلاق الصواريخ وجزء من صناعتها العسكرية والصاروخية والتسبب بخسائر بشرية بين الإيرانيين. إلا أن جنوداً أميركيين أيضاً سيخسرون حياتهم وسيرتفع سعر النفط بشكل جنوني مما سيفسد فرص ترامب الانتخابية. ولا تأخذ أميركا بالحسبان قدرات إيران الصاروخية. وقد يكون لدى طهران أيضاً صواريخ معالجة نووياً تكتيكية مع يورانيوم مخصّب مثل الصواريخ الأميركية التي استخدمتها إسرائيل في حربها على لبنان العام 2006. وإذا تعرّضتْ إيران لضربات شديدة، كيف ستمنع أميركا حلفاء طهران من التدخل وقصْف إسرائيل ومهاجمة السفارات والقواعد الأميركية في لبنان والعراق واستهداف القوات الأميركية في سورية؟ ردَّات الفعل ستكون خارجة عن الحسبان عندما تُرفع القفازات وتنتهي المحرّمات. لقد دعمت إيران، حلفاءها في الشرق الأوسط منذ عقود. وبالتالي فإن من غير المنطقي ألا يتوقّع ترامب أن يدخل هؤلاء في الحرب من دون تردد. ولن تهتمّ طهران بالكشف عن قدراتها ولن تكترث بما سيقوله العالم عن إمكاناتها عندما تبدأ الحرب ويزداد عدد القتلى وينتشر الدمار. من الممكن أن تكون تلك «الخطة ب» الإيرانية التي يبدو أن ترامب غافل عنها ولا يملك «خطة ب» هو نفسه، كما أعلن. تستطيع أميركا استخدام أسلحة غير تقليدية ضدّ إيران والتي ستثير سخطاً عالمياً. ويتيح الإنترنت اليوم إمكان الوصول إلى المعلومات فوراً. وسيعيد استخدام أسلحة نووية إحياء ذكرى القنابل التي أسقطتْها أميركا على هيروشيما وناغازاكي خلال الحرب العالمية الثانية. وحينها لم تواجه أميركا أي لومٍ لأن العالم كله كان في حال حرب. أما اليوم فالوضع مختلف، إذ يواجه ترامب انقساماً داخلياً سياسياً وعنده حملة انتخابية يريد الفوز بها وكل الموقّعين على الاتفاق النووي يعارضون إلغاءه للصفقة، وهو ما أقدم عليها بناءً لتوصية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. لن تكون إيران وحدها حتى ولو قرر مسؤولوها في السابع من يوليو رفْع التوتر، ولكن بالانسحاب الجزئي من الاتفاق النووي. لقد رفضتْ الصين العقوبات الأميركية الأحادية، وتُعارِضها روسيا بشدّة وتتحرك أوروبا لتنفيذ نظامها المالي INSTEX قبل انسحاب إيران. وهناك جدل في طهران حول ما إذا كان ينبغي منح أوروبا فترة إضافية قصيرة لاختيار جدوى «انستكس» ومدى فعاليته على الاقتصاد الإيراني أو يجب الاتجاه بما يحذّر منه المرشد علي خامنئي لجهة أن «أوروبا يجب عدم الوثوق بها». وتقوم إيران بتخزين كمية كبيرة من الماء الثقيل وأجهزة الطرد المركزي. إذ يمنع ترامب تصدير الفائض ليتّهمها بخرق الاتفاق الذي انسحب منه هو. ويبدو أن ترامب لا يعي أنه يعطي إيران ورقة اضافية. إذ إن أوروبا ستعرض تخفيف القيود على الصادرات من الماء الثقيل وأجهزة الطرد. إلا أن إيران سترفض عملية اختيار ما يمكن لها تصديره أم لا: فإما تصدير كل شيء أو لا شيء. عندما أطلق ترامب تهديده باستخدام قوة «الإبادة»، أجبر البراغماتيين والمتشددين على حد سواء في إيران على التفكير مرتين في فتوى المرشد بأن طهران يجب ألا تملك قنابل نووية. فإسرائيل والهند وباكستان لديها القنابل. أما النقاش التالي فيقول إن مجموعة مثل «حزب الله» استطاعت منْع إسرائيل من تحقيق أهدافها العام 2006 وهي التي تملك قنابل نووية وجيشاً كبيراً وقدرات عسكرية هائلة، وبالتالي فلا داعي للقنابل النووية حتى ولو كانت القواعد الأميركية تحاصر إيران من كل مكان، فإن هذا لا يؤمّن نصراً سريعاً لأميركا بحال اختارتْ الحرب. فأفغانستان والعراق هما أفضل أمثلة. والسؤال المطروح: إلى متى يمكن لإيران أن تكبح نفسها وتمتنع عن امتلاك قنابل نووية إذا استمرّ عدوّها، ترامب، بالتهديد بحرب إبادة؟

جميع الحقوق محفوظة