الثلاثاء 04 أغسطس 2020

انتخابات العراق.. تحدّيات قانونية وأمنية

انتخابات العراق.. تحدّيات قانونية وأمنية

انتخابات العراق.. تحدّيات قانونية وأمنية

يشكّك مراقبون في قدرة الحكومة العراقية ورئيسها مصطفى الكاظمي وحتى مؤسسات الدولة على إجراء الانتخابات التشريعية في السادس من يونيو 2021 الموعد الذي أعلنه رئيس الوزراء، معتبرين أنه سيتم تأجيلها إلى مايو 2022 (الموعد الدوري لإجراء الانتخابات التشريعية).

ويأتي تحديد الكاظمي للموعد بعد عشرة أشهر على بدء الاحتجاجات الشعبية، التي طالبت بإجراء انتخابات برلمانية عاجلة، موضحين أنها الطريقة الوحيدة للتحرر من الواقع السياسي الصعب.

لكن خطوة الكاظمي أثارت ردود أفعال واسعة، وكشفت عن تحديات كبيرة أمام تنفيذ هذا الاستحقاق، ليس آخرها ترضية واشنطن وطهران من حيث الحصص التي ستمثلهما في البرلمان.

ويتخوف العراقيون من أن تكون الانتخابات القادمة شبيهة بتلك التي جاءت بحكومة عادل عبدالمهدي، إذ إن الشارع يعتقد أن الكتل السياسية التي توالت على مجلس النواب لن تفرط بامتيازاتها ومحاصصتها، وبالتالي فالانتخابات القادمة يعدها العراقيون الأمل الأخير لإنعاش العملية السياسية.

رأي المتظاهرين

في ساحة التحرير وسط بغداد، حيث مركز الاحتجاجات، يترقب المتظاهرون ما سيؤول إليه قرار الكاظمي، ويقول الناشط قصي جسام إن الانتخابات التشريعية فرصة حقيقة للخلاص من الواقع السياسي «البائس» وفرصة لشباب يمثلون تطلعات العراقيين في البرلمان. وأضاف أن الكاظمي لن يفي بوعوده ما لم تكن الانتخابات القادمة معبرة عن طموحات الشارع العراقي الذي لا يزال يعاني جراء ما آلت إليه الانتخابات السابقة عام 2018، كما أكد جسام أنه ما لم يضبط السلاح المنفلت خارج الدولة، وما لم توفر الحكومة غطاء أمنياً للمتظاهرين وفرض القانون على الجميع، فإن ساحة التحرير لن تستطيع ترشيح شخصيات معبرة عنها في الانتخابات.

الوضع القانوني

إلى ذلك، يرى الخبير القانوني طارق حرب أنه يمكن إجراء انتخابات برلمانية مبكرة حتى لو لم يُسَن القانون الجديد، إذ إن القانون الذي اعتمد في انتخابات عام 2013 وتعديلاته عام 2018 لا يزال ساري المفعول ويعتمد كل محافظة كدائرة انتخابية واحدة.

وطالبت عضوة مجلس النواب ندى شاكر جودت بالإسراع في تعديل قانون المحكمة الاتحادية لعرضه على البرلمان، مؤكدة أنه جزء أساس لإجراء الانتخابات، وإلا لا يمكن للمفوضية دستورياً اجراءها: «بما أن المحكمة شابها النقص بعدد أعضائها، فانها اليوم تعتبر معطلة دستورياً».

وعن ذلك، كشف حرب أن قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم 30 لسنة 2005 يتطلب تعديل البرلمان (بالأغلبية البسيطة) لمادته الثالثة فقط، كي يتسنى تعيين عضو جديد وتفعيل المحكمة مرة أخرى، وليس بالضرورة سن قانون جديد للمحكمة مما يتطلب تصويت ثلثي أعضاء البرلمان.

أما مقرر اللجنة القانونية البرلمانية يحيى المحمدي، فيؤكد أن البرلمان سيشرع في إكمال تشريع جميع مواد القانون الجديد واعتماد الدوائر المتعددة بُعيد عيد الأضحى، مردفاً أن المحكمة الاتحادية مسؤولة عن مصادقة نتائج الانتخابات دستوريا، وبالتالي فعلى البرلمان أن يعدل من قانون المحكمة أو يشرع قانونا جديدا.

غير أن حرب يرى أن المشكلة لا تكمن في القانون أو مفوضية الانتخابات قدر تعلقها بالكتل السياسية التي تمانع سراً إجراء الانتخابات خشية خسارة الامتيازات التي تتمتع بها حاليا، مؤكدا أن مشاركة %75 من الناخبين ستعني أن أغلبية الكتل السياسية الحالية لن تحصل على مقاعد برلمانية مرة أخرى.

بدوره، رأى أستاذ العلوم السياسية الدكتور علي أغوان أن الظروف السياسية في البلاد غير مهيأة للانتخابات من حيث عدم إجراء تعداد سكاني وضبابية المشهد السياسي، وأن ما جرى أن الكاظمي ألقى بالكرة في ملعب البرلمان محاولة للإيفاء بوعوده التي طرحها في برنامجه الانتخابي.

 

وشكّك أغوان في إمكانية إجراء الانتخابات حتى بموعدها الأصلي في مايو 2022، خصوصاً إذا ما بقيت هذه الإشكاليات قائمة من دون حل، في ظل الصراع السياسي الداخلي والإقليمي، فضلا عن الأمني والمتمثل بالسلاح المنفلت.

الموالون لطهران

يرى مراقبون أن الكاظمي - المدعوم من واشنطن - وضع الأطراف السياسية المُوالية لإيران في موقف صعب، بعد تحديده موعد الانتخابات، لافتة إلى تضاؤل شعبية تلك القوى بعد انتفاضة أكتوبر التي عبَّرت عن رفضها النفوذ الإيراني في البلاد، فضلاً عن الاتهامات التي وجَّهها ناشطون للأذرع المسلحة المُوالية لإيران بالضلوع في عمليات خطف وقتل المحتجين.

وأشارت المصادر إلى أن خطورة الانتخابات المبكرة بالنسبة لتلك القوى تكمن في أنها قد تُفرز نمطاً جديداً للحكم في العراق، موضحة أن تلك القوى الموالية لطهران ستعرقل الانتخابات على الرغم من إعلانها عكس ذلك، عبر عدم حسم الموقع الشاغر في المحكمة الاتحادية، وعرقلة التصويت على قانون الانتخابات وتمويلها، والتصعيد على الأرض.

وأكد النائب رياض المسعودي عضو تحالف «سائرون» أن «تحديد الكاظمي للموعد غير دستوري، وليس من صلاحية السلطة التنفيذية»، موضحاً أن «السلطة التنفيذية لا يجوّز لها الدستور تحديد موعد ثابت للانتخابات».

هل ستسفر عن تغيير؟

في حال أجريت الانتخابات في موعد الكاظمي، فإنها تتطلب شروطا كي تسفر عن تغيير حقيقي، أولها الشفافية والمصداقية والنزاهة، وثانيها إعادة النازحين الى مناطقهم الأصلية، وثالثها تسوية ملف الميليشيات المسلحة، التي قال عنها عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية هريم كمال خورشيد إن الكاظمي كان قد صرح من قبل بأن السلاح خارج إطار الدولة لن يسمح بأن تكون الانتخابات حرة ونزيهة، وبالتالي لا يمكن ضمان شفافية الانتخابات من دون وجود رقابة أممية.

  •  

جميع الحقوق محفوظة