الثلاثاء 15 يناير 2019

المواجهة الأمريكية ــ الإيرانية نحو الاشتداد

المواجهة الأمريكية ــ الإيرانية نحو الاشتداد

المواجهة الأمريكية ــ الإيرانية نحو الاشتداد

أظهرت المواقف التي أطلقها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو خلال جولته الاخيرة في المنطقة أن ادارة الرئيس دونالد ترامب ماضية قدما في محاربة النفوذ الايراني في الشرق الاوسط، لا بل عكست ان هذه المواجهة ستتخذ بُعدا أكبر وأكثر تشدّداً. فبومبيو أعلن: «نقول للشركاء في الشرق الأوسط لن نغادر المنطقة»، مضيفا «يجب أن يعلم الشعب الإيراني أن تدخل النظام في شؤون الدول الأخرى غير مقبول»، مشيرا الى ان «إعلان الانسحاب من سوريا لا يتناقض مع استراتيجيتنا تجاه إيران». ولفت الى «اننا سنعمل على اخراج الميليشيات الايرانية من سوريا، وواشنطن ستعمل بالدبلوماسية على طرد آخر جندي ايراني من سوريا». كما حمل بشدة على «حزب الله». وكرّر وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ​ديفيد هيل من بيروت أول من أمس، الموقف نفسه، بعبارات ونبرة أشدّ، بما يعكس عزم الولايات المتحدة على محاربة ايران مباشرة وأذرعها المنتشرة في المنطقة. وتعمل واشنطن حاليا على اعداد الاليات التنفيذية لهذه المواجهة، فبعد العقوبات الاقتصادية تدفع الادارة الاميركية حاليا وبقوة في اتجاه اقامة تحالف عسكري عربي على شكل «الناتو»، للوقوف في وجه ايران، كما انها ستنظم قمة دولية تركز على الملف الإيراني الشهر المقبل في بولندا. وشهد هذا الأسبوع تعبئة وتسريبات قادت للاعتقاد بجدية دفع فريق داخل إدارة الرئيس ترامب باتجاه القيام بعمل عسكري ضد إيران. وذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن البيت الأبيض من خلال مستشار الأمن القومي جون بولتون قد طلب من البنتاغون وضع بدائل عسكرية لضربات ضد إيران، وهو الطلب الذي أثار قلقا كبيرا لدى عسكريي وزارة الدفاع ودبلوماسيي وزارة الخارجية. يرى السيناتور الديموقراطي إد ميركي من ولاية ماساشوستس أن شنّ هجمات على أهداف إيرانية لا يخدم أي أهداف أميركية في الشرق الأوسط، وقال في تغريدة على «تويتر» إن «جون بولتون الذي دفع أميركا باتجاه حرب مكلفة في العراق، يحاول مع الوزير بومبيو الشيء نفسه ضد إيران. لم تنسحب إدارة ترامب من الاتفاق النووي لأنه أسوأ اتفاق، بل لأن وزراء ترامب يستغلونه لجر البلاد لحرب مع إيران». ويرى الخبير في الشأن الإيراني سكوت رايتر ــــ الذي عمل سابقا مفتشا للأسلحة النووية والكيماوية ضمن فريق الأمم المتحدة في العراق ـــــ أن «بولتون وبومبيو يستمران في دق طبول الحرب ضد إيران. من الأهمية أن يدرك الشعب الأميركي أن مبرر ترامب للحرب على إيران يعتمد على الأكاذيب نفسها التي استُخدمت للحرب على العراق». ويعتقد أنصار المدرسة السياسية التقليدية أنه مع تزايد الضغوط على الرئيس ترامب الذي يواجه اتهامات بالعمل لمصلحة روسيا، ومع قرب صدور تقرير المحقق المستقل روبرت مولر بشأن التدخّل الروسي في الانتخابات الرئاسية 2016؛ لن يجد ترامب أفضل من مغامرة شن عمليات عسكرية خارجية من أجل تشتيت الانتباه عن أزمته الداخلية وخلق أزمة خارجية كبرى. إلا أن هذه المدرسة لا تدرك حجم الفصل الكبير بين السلطات الأميركية، والتي لن يستفيد معها ترامب حتى من اصطناع حرب ومعارك عسكرية خارجية. إيران تتحدّى في المقلب الآخر، تبدو طهران وكأنها تندفع هي الاخرى نحو المواجهة مع الولايات المتحدة، فالتجربة التي قامت بها امس لإطلاق قمر صناعي، وان فشلت في وضعه في المدار لكنها تمثل تحديا واضحا لادارة ترامب التي سبق أن حذرت طهران بشأنها. وقد سارعت إسرائيل إلى إدانتها معتبرة أنها غطاء لاختبار المرحلة الأولى لصاروخ بالستي عابر للقارات. فقد أعلن وزير الاتصالات الايراني محمد جواد آذري جهرمي أن «الصاروخ سفير الناقل للقمر الصناعي بيام قطع بنجاح المرحلتين الأولى والثانية، لكنه لم يتمكّن من الوصول الى المرحلة الثالثة، وبالتالي فإن بيام لم يستقر في المدار». وأوضح أن القمر الصناعي «بيام» (الرسالة) لم يتمكن من بلوغ «السرعة الضرورية» حين انفصل عن الصاروخ الناقل له في المرحلة الثالثة، حيث كان من المفترض وضع القمر الصناعي في مدار حول الأرض على علو 600 كلم. وأكد أن إيران لا تزال مصمّمة على إطلاق القمر الصناعي «دوستي»، لكنه لم يحدد تاريخ إطلاقه مكتفيا بالقول «سنبذل كل ما في وسعنا لوضعه في المدار». وأكدت إيران مرارا أن برنامجها الفضائي، مثل برنامجها للصواريخ البالستية، هو لأغراض البحث العلمي والدفاع فقط، لكن إسرائيل والولايات المتحدة تعتبران برنامج إيران الفضائي غطاء لتطوير صواريخ بالستية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية. وكانت الولايات المتحدة حذّرت إيران في 3 يناير الجاري من إرسال أقمار صناعية إلى الفضاء، معتبرة أن مثل هذه الخطوة تعد انتهاكا لقرار مجلس الأمن حول برنامج طهران النووي. استئناف التخصيب من جهة أخرى، أكد الرئيس الايراني حسن روحاني أن طهران لن تتراجع أمام الحظر الظالم ولن تتخلى عن اهدافها. ورأى أن «الولايات المتحدة لن تستطيع أن تبني جدارا حول إيران، الرئيس الأميركي يسعى لإيجاد خلاف بين الشعب والحكومة وعزل إيران»، و«إذا لف وزير الخارجية الأميركي 10 أسابيع في المنطقة، هذه المنطقة تبقى مكاننا وليس مكانهم». على صعيد آخر، أكد رئيس منظمة الطاقة الذرية الايرانية علي اكبر صالحي أن ايران قادرة لو ارادت على استئناف تخصيب اليورانيوم بنسبة %20 في غضون 3 أو 4 أيام فقط. .. واشتباك على الساحة اللبنانية برز أمس اشتباك بين واشنطن وطهران على الساحة اللبنانية. فبعد المواقف العالية السقف التي أطلقها وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ​ديفيد هيل من بيروت أول من أمس، ضد حزب الله وإيران في شكل خاص، سارعت إيران إلى الرد فأصدرت سفارتها في لبنان بياناً قالت فيه إن «في إطار الزيارات الاستفزازية والتحريضية التي قام بها مؤخراً عدد من المسؤولين الأميركيين في بعض الدول والتي تتقاطع مع مستجدات إقليمية أظهرت أكثر من أي وقت مضى انتكاسة سياسات الإدارة الأميركية وفشلها وخيباتها المتكررة، أطلق وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل سلسلة من المواقف، التي لا تندرج إلا في إطار التدخل السافر في شؤون الغير وإملاء القرارات». و«بما أن الزائر تناول في تصريحاته المستفزة الجمهورية الإسلامية الإيرانية»، رأت السفارة ان «كون المبعوث الأميركي عمل سابقاً في لبنان، لا بد أنه يعلم جيداً كيف وقفت إيران إلى جانب لبنان، حكومة وشعباً، في مسعاه لتحرير أراضيه عندما كانت ترزح أجزاء كبيرة منها تحت نير الاحتلال الإسرائيلي، في الوقت الذي كانت (تقف) أميركا متفرجة، وداعمة للكيان الصهيوني، فالحرص على الحفاظ على سيادة لبنان واستقلاله وعزّته وكرامته لا يكون من خلال التغاضي عن التهديدات الإسرائيلية المتكرّرة للبنان أرضاً وسماءً ومياهاً والسكوت عن الانتهاكات التي يرتكبها هذا الكيان بصورة يومية تحت أنظار الإدارات الأميركية المتعاقبة التي كانت ولا تزال تقدّم الدعم المطلق والسخي والأعمى لهذا الكيان»، مشيرة الى «ان لبنان كما نراه أصبح اليوم بفضل قيادته الحكيمة وحكومته وشعبه وجيشه ومقاومته المسؤولة، رقماً صعباً في المعادلات الإقليمية بحيث أصبح حصيناً وعصياً على إملاءات الآخرين وأعدائه، فلا يسمح لأي طرف كان بأن يملي عليه القرارات الخطأ»، لافتة الى «أن إيران لن تدّخر جهداً لأي تعاون مع الحكومة اللبنانية والجيش اللبناني الباسل والمقاومة المفتخرة».

جميع الحقوق محفوظة