الاثنين 29 يونيو 2020

اللبنانيون يجوعون.. وحكومتهم تتخندق مع إيران

اللبنانيون يجوعون.. وحكومتهم تتخندق مع إيران

اللبنانيون يجوعون.. وحكومتهم تتخندق مع إيران

أصبح واضحاً أن لبنان بات في قلب الصراع الإيراني ـــــ الأميركي، بعد تهدئة الجبهة العراقية، وتولّي روسيا الجبهة السورية، ولم يكن ينقص هذا البلد الغارق في أزمة مالية معيشية عميقة إلا تحويله إلى كبش فداء في تصفية الحسابات ضمن الصراع الاقليمي مع مخاوف من دخول اسرائيل على هذا الخط، في حين المواطن لا يلقى ثمن خبزه، وبات مصيره معلقا على فاعلي الخير من العرب والغرب.

وبدا جلياً أن الحكومة التي يقودها عملياً «حزب الله» تظهر طاعتها لشروط هذا الحزب وترمي نفسها في الخندق الايراني، وهو امر تجلّى بالقرار القضائي، يمنع فيه السفيرة الأميركية في لبنان دوروثي شيا من الحديث لوسائل الإعلام. وفي المقابل، بدأت الدول العربية والغربية تحرّكات باتجاه بيروت لاستطلاع التطورات والتشديد على ضرورة خروج لبنان من العباءة الايرانية والعودة إلى «النأي بالنفس»، كي يحصل على المساعدة قبل فوات الأوان.

وبدت لافتة امس حركة السفير السعودي وليد البخاري، انطلاقاً من دارة الرئيس السابق ميشال سليمان، حيث تم التذكير بـ«اعلان بعبدا» الذي يتطرّق الى استراتيجية دفاعية، تلجم جموح «حزب الله» الاقليمي والوطني.

رئيس الحزب «التقدّمي الاشتراكي» وليد جنبلاط علّق قائلاً ان «المواجهة الايرانية ــــــ الاميركية ستظهر نتائجها ربما بعد يونيو ٢٠٢١، فهل ننتظر في لبنان ونغرق اكثر امام الحائط المسدود، ام نسلك طريق التلاقي لتفادي الانهيار؟».

صفحة مؤسفة طويت

وزير الخارجية والمغتربين ناصيف حتّي التقى السفيرة الأميركية دوروثي شيا، وتطرّقا الى القرار القضائي الذي صدر اخيرا. وشدد حتّي على حرية الإعلام وحق التعبير، في حين قالت شيا إن اللقاء كان إيجابيا، وجرى التشديد على ضرورة تقوية العلاقات بين البلدين، معتبرة ان القرار القضائي المؤسف صفحة وطويت، وهي ترى فيه حرفاً للأنظار عن الأزمة الاقتصادية.

أنصار محور «حزب الله» اعتصموا أمام وزارة الخارجية للتنديد بالتدخل الاميركي، في حين علّقت السفارة الايرانية في بيروت قائلة ان شيا «لا يحق لها ان تنال من بلد آخر، من خلال اختلاق الأراجيف».

انهيار الفريق الواحد

وفي وقت عُقد في وزارة المال الاجتماع الرابع لخليّة الأزمة الوزارية المكلّفة متابعة المواضيع المالية، برئاسة الوزير غازي وزني، لتقييم انطلاقة عمل المنصّة الإلكترونية التي تنظم التداول بين الصيارفة على أسعار العملة، تلقى الفريق الحكومي الذي يفاوض صندوق النقد الدولي ضربة جديدة باستقالة ثاني مسؤول مهم فيه، فبعد استقالة هنري شاوول مستشار وزارة المالية، بسبب ان «أجندة شعبوية» للسلطة، قدم المدير العام لوزارة المالية المحسوب على فريق رئاسة الجمهورية آلان بيفاني استقالته، قائلا انه يرفض أن يكون شريكا أو شاهدا على الانهيار. وأكد بيفاني الذي يعتبر «الصندوق المالي الأسود» أن «المقاربة التي اعتمدتها خطة الحكومة وضعت تقويما صحيحا، وتم إقرارها بالإجماع، وحصلت على ترحيب من المؤسسات المالية بالجدية اللبنانية»، مشيرا الى أن «الخطة تناولت ضرورة استرداد الأموال المنهوبة وضرورة الإصلاح الشامل للنظام، لكن يبدو أن النظام استخدم شتى الأنواع لضرب الخطة». وأضاف انه لا صحة إطلاقاً للمزاعم التي تم الترويج لها بأن الخطة تريد الاقتصاص من أموال المودعين. وقال بيفاني ان المسار الذي يسلكه الحكم متهوّر، وبموجبه فإن الشعب سوف «يحترق سلافه».

المجاعة آتية

في المقابل، قطع محتجون غاضبون الطرق، كما أغلق أصحاب المتاجر أبوابهم. منظمة «ميديا لاين» تساءلت عن إمكانية أن يواجه اللبنانيون خطر المجاعة. وتقول المنظمة إن بيروت قد لا تتمكن قريباً من توفير ما يكفي من القمح لإنتاج الخبز أو الوقود لتشغيل معامل الكهرباء، ما يؤدي في حال انقطاعها الى توقف خدمة الانترنت في البلد.

وفي رسالة تحذيرية، ظهر الممثل اللبناني الشهير ميشال أبوسليمان في مقطع فيديو، وهو ينبش في القمامة قبل أن يقول إنه يأكل منها. وكتب معلقاً: «يا ثورة وحقوق، يا زبالة»، وأضاف: «تسألون إذا كنت آكل من النفايات؟ أجيب بنعم، علينا أن نعتاد على الأكل من النفايات، لأنه إذا لم ننزل إلى الثورة وأخذنا بحقوقنا فبعد 6 و8 أشهر سنأكل جميعاً من النفايات».

 

وبدأ لبنانيون في إيجاد بعض الحلول التي رأوا أنها مؤقتة، لكنها تساعدهم على البقاء أحياء، ومنها مقايضة الأغراض الشخصية مقابل حفنة من الغذاء، لا سيما أن كثيراً من اللبنانيين باتوا عاجزين حتى عن ملء برّاداتهم بالطعام.

التهويل بالحرب

وفي المقابل، تتهرّب السلطة من الاصلاح برفع عناوين كبيرة ومخيفة، حيث دعا رئيس الجمهورية ميشال عون المجلس الأعلى للدفاع الى اجتماع اليوم، للبحث في الأوضاع الأمنية والتطورات على الحدود الجنوبية، واعلن عن بدء إسرائيل التنقيب عن النفط والغاز في المنطقة المتنازع عليها قرب «البلوك رقم 9»، معتبرا ان هذه المسألة في غاية الخطورة.

وبينما تستبعد اوساط سياسية امكان نشوب حرب اهلية، تخوّفت من اشتعال جبهة الجنوب، لا سيما بعد القرار الاسرائيلي ببدء التنقيب في البلوك التاسع، في حين ان «قطع شجرة على الحدود قد يشعل الحرب»، وفقاً لصحيفة وول ستريت جورنال، التي قالت ان الأشجار تنمو بجوار الجدران الحدودية وتحجب الرؤية عن كاميرات المراقبة الإسرائيلية، وهو ما يزعج العدو ويدفعه إلى ازالة بعض هذه الأشجار، ما يؤدي إلى توتر، تحاول الأمم المتحدة التوسط لمنع تحوله إلى صراع. وقالت أندريا تينينتي، الناطقة باسم القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان: «قطع فرع شجرة هنا قد يؤدّي إلى حرب». وتتهم اسرائيل منظمة «غرين بلا حدود» بالتحالف مع «حزب الله»، لتنفيذ مشاريع غرس الأشجار في الأماكن التي يحددها الحزب لمراقبة إسرائيل.

  •  

جميع الحقوق محفوظة