الجمعة 22 مايو 2020

الدريعي: ملاحظات حول قانون معالجة آثار جائحة «كورونا المستجد» على سوق العمل

الدريعي: ملاحظات حول قانون معالجة آثار جائحة «كورونا المستجد» على سوق العمل

الدريعي: ملاحظات حول قانون معالجة آثار جائحة «كورونا المستجد» على سوق العمل

قدم عضو هيئة التدريس بكلية الحقوق بجامعة الكويت د.سامي الدريعي ملاحظات حول المشروع بقانون بشأن معالجة الآثار الناتجة عن جائحة كورونا المستجد على سوق العمل.

وقال الدريعي: تقدمت الحكومة بمشروع قانون من أجل مواجهة النتائج الضارة الناتجة عن جائحة كورونا المستجد على بعض حقوق والتزامات رب العمل والعامل، وقد نشرت جريدة «الأنباء» نسخة منه.

ومن خلال قراءته قراءة متأنية وبعين متخصصة بدا لنا أنه يحقق نوعا من التوازن في علاقة رب العمل بالعامل خلال الظروف الاستثنائية لجائحة كورونا، وأهمها منح رب العمل العامل إجــازة بأجر مخفــض لا يقل عن الحد الأدنى للأجـــور، وألا يتم تخفيــض أجر العامل إلا بموافقته وبما لا يقل عن 50%، وهو بذلك يحقق للعمال ما لا تحققه كثير من القوانين المقارنة. ولكن مع ذلك لنا عليه الملاحظات التالية:

أولا: عنوان المشروع

لقد جاء عنوان هذا المشروع بما لا ينسجم مع مضمونه، حيث عنون بـ «مشروع بقانون بشأن معالجة الآثار الناجمة عن جائحة كرونا المستجد على سوق العمل».

وفي الحقيقة ان من يقرأ نصوصه يتضح له بجلاء انه ينظم جزءا من العلاقة بين العامل ورب العمل، حيث يبين حق رب العمل بمنح عماله إجازة خاصة والاتفاق معهم على تخفيض الأجر خلال فترة توقف المنشأة كليا أو جزئيا دون أن يتطرق لسوق العمل، وهو مصطلح مستهجن غير متعارف عليه ولم يستخدمه المشرع في نطاق قانون العمل مطلقا.

لذلك يفضل القول: مشروع بقانون بشأن معالجة الآثار الناتجة عن جائحة كرونا المستجد على بعض حقوق أرباب العمل.

ثانيا: المادة الأولى

لقد نصت المادة الأولى على «يجوز للوزير المختص بالعمل الموافقة لأصحاب العمل بسبب الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تتخذها الدولة للوقاية من جائحة كورونا المستجد وترتب على ذلك توقف النشاط كليا أو جزئيا، على ممنح العمالـــة لديهم إجازة خاصة بأجر مخفض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور، وذلك خلال المدة التي يقررها مجلس الوزراء كفترة توقف للنشاط».

نلاحظ على هذه المادة مـــا يلي:

1 - لقد جعل النص ممارسة أصحاب العمل لحقهم في منح إجازة خاصة بأجر مخفض لعمالهم أو الاتفاق على تخفيض أجرهم رهن موافقة الوزير فإن أراد وافق وان شاء رفض، وهو أمر غريب لا يمكن تبريره.

ولاسيما أن الفقرة الأخيرة من هذه المادة تنص على «ويصدر قرار من مجلس الوزراء بالضوابط والشروط اللازمة لتنفيذ هذه الأحكام».

وبناء على ذلك ينبغي أن كل من تتوافر فيه هذه الشروط يستفيد من أحكام هذه المادة باعتبارها حقا له لا يشاركه فيه أحد.

2 - لقد جعل النص مناط ممارسة حق رب العمل بمنح العامل إجازة خاصة أو الاتفاق على خفض الأجر توقف النشاط كليا أو جزئيا. وهنا يجب توضيح أمرين:

أ‌ - إن الصياغة المستخدمة في النص لا تدل من خلال منطوقها أو مفهومها على وجود أي ربط بين حق صاحب المنشأة بممارسة حقوقه المنصوص عليها وتوقف نشاطه هو كليا أو جزئيا، حيث جاء النص عاما مستخدما عبارة «وترتب على ذلك توقف النشاط كليا أو جزئيا».

والأدق أن تكون العبارة «وترتب على ذلك توقف نشاطه كليا أو جزئيا».

ب - لم يربط المشرع بين ممارسة هذه الحقوق الاستثنائية من قبل رب العمل والخسارة التي لحقت به، وإنما منح رب العمل هذه الحقوق الاستثنائية حتى ولو أنه لم يترتب على توقف نشاطه بشكل جزئي أي خسارة مادية.

لا شك في ان الهدف من القانون حماية أرباب العمل من الصعوبات الاقتصادية والخسارة الناتجة عن توقف منشآتهم كليا أو جزئيا.

وقد لاحظنا أن ثمـــة شركات ربحت خلال توقـــف عملهـــا بشكل جزئي، فهــل يجوز لهـــذه الشركات أن تمارس تلك الحقوق الاستثنائيــة؟

وهل يجوز لمن خسر جزءا من أرباحه فقط أن يخفض أجر العامل البسيط أو أن يمنحه إجازة خاصة بأجر مخفض؟

أعتقد انه يجب أن تقتصر ممارسة هذه الحقوق الاستثنائية على رب العمل الذي لحقته خسارة فعلية من توقف نشاطه كليا أو جزئيا بسبب التدابير الاحترازية التي أخذتها الدولة للوقاية من كورونا، وهو ما يعبر عنه في القانون المقارن بالصعوبــــات الاقتصاديـــة.

ولتلافي تلك الملاحظات أقترح أن تكون صياغة نص المادة الأولى ما يلي:

«يجوز لرب العمل الذي يواجه صعوبات اقتصادية بسبب توقف نشاطه كليا أو جزئيا نتيجة الإجراءات والتدابير الاحترازية التي تتخذها الدولة للوقاية من جائحة كرونا المستجد، أن يمنح عماله إجازة خاصة بأجر مخفض لا يقل عن الحد الأدنى للأجور، وذلك خلال المدة التي يقررها مجلس الوزراء كفترة توقف للنشاط.

كما يجوز لرب العمل الاتفاق مع عماله على تخفيض الأجر طوال فترة توقف نشاطه المشار إليه بالفقرة السابقة... إلى آخر المادة».

جميع الحقوق محفوظة