الاثنين 17 فبراير 2020

الحكومة: العفو الشامل.. عدوان على سلطة القضاء

الحكومة: العفو الشامل.. عدوان على سلطة القضاء

الحكومة: العفو الشامل.. عدوان على سلطة القضاء

أدرج مجلس الأمة تقرير اللجنة التشريعية عن 4 مقترحات بالعفو الشامل على جدول أعمال المجلس، مثبتاً فيه رأي الحكومة والمجلس الأعلى للقضاء والنيابة العامة برفض المقترحات واعتبارها عدوانا على سلطة القضاء ومجاملة فردية تستهدف عفوا عن جرائم خطرة. ورأى المجلس الأعلى للقضاء أن الاقتراحات بقوانين الثلاثة تدور في فلك واحد وهو طلب صدور قانون بالعفو الشامل عن أشخاص بعينهم محكوم عليهم في قضايا معروفة ومحددة، وردت أرقامها وبياناتها تحديدا في صلب هذه الاقتراحات بقوانين.

وانتهى المجلس إلى ما يلي:

* لا يرى المجلس الأعلى للقضاء صدور العفو الشامل عن هذا الكم من الجرائم الخطرة وما ارتبط بها من جرائم أخرى، والإفراج عن كل المتهمين الذين صدرت ضدهم أحكام نهائية بالإدانة عما اقترفوه بالفعل من جرائم واعتبار تلك الأحكام كأن لم تكن، وأن تحفظ النيابة العامة كل البلاغات والقضايا التي تحقق فيها والمتصلة بالجرائم المشار إليها، وأن يمتد هذا العفو إلى كل الجرائم التي ارتكبت خلال فترة زمنية طويلة تصل في الاقتراح بقانون الثاني إلى عشرات السنين، الفترة من عام 1988 وحتى 12/‏8/‏2015، لأن صدور قانون بالعفو الشامل على هذا النحو – كما وكيفا – تتأذى منه فكرة العدالة.

* الجرائم المشمولة بالعفو تتسم بالخطورة الشديدة على أمن الدولة في الداخل والخارج، ويتصف مرتكبها بنزعة إجرامية وميول عدوانية تستوجب العقاب، فإذا ما صدر ضده حكم قضائي نهائي بالإدانة، فإنه يكون حريا بالتنفيذ عليه؛ زجرا له، وردعا لغيره حتى لا تتفشى في المجتمع ظاهرة التجرؤ على محارم القانون، والاستهانة بالأحكام القضائية على أمل بصدور قانون بعفوٍ شامل.

* الاقتراحات بقوانين في صيغتها وتوقيتها تهدد ما نص عليه الدستور بشأن استقلال السلطات، وتجور على اختصاص أصيل للسلطة القضائية بأن تهدر أحكامها، وتغل يدها عن إصدار أحكام في قضايا لا تزال منظورة أمامها، وهو ما يشكل ميلا تشريعيا يجب أن يتنزه عنه المشرّع، باعتبار أن التشريع ضرورة اجتماعية واقتصادية وأمنية، ولا يصح أن يكون الثوب السياسي طاغيا على المهنية القانونية والدستورية في التشريع.

النيابة العامة

أما النيابة العامة فذكرت أن العفو الشامل يكون عن الجرائم وليس عن القضايا أو عن المحكوم عليهم، إذ يتميز بطابع موضوعي ويقوم على اعتبارات مستمدة من مصلحة المجتمع تتصل بالنظام العام، حيث ينصب على مجموعة من الجرائم، فيزيل ركنها الشرعي ومن ثم يستفيد منه جميع المساهمين في هذه الجرائم.

وانتهت النيابة إلى ما يلي:

* العفو عن الجرائم التي أدين بها أشخاص معينون في قضايا معينة ينطوي على اهدار لقيمة وحجية الحكم القضائي، ويعد تدخلاً سافراً من السلطة التشريعية في عمل السلطة القضائية بالمخالفة لمبدأ الفصل بين السلطتين المنصوص عليه في المادتين 50، 163 من الدستور.

* الجرائم التي تنطبق عليها الاقتراحات بقوانين جرائم شديدة الأهمية وبالغة الخطورة مما لا يستساغ معه العفو عنها عفواً شاملاً، بل يتعين وجوب إدانة المتهمين بارتكابها وتنفيذ العقوبات المحكوم بها فيها تحقيقاً للردع العام والخاص.

* الزعم بوقوع الجرائم المطلوب العفو عنها لأسباب سياسية وتبريرها على هذا النحو أمر لا توافق عليها النيابة العامة، إذ ان الخلاف في الرأي والمعارضة السياسية لا تبرر بأي لا تبرر بأي حال من الأحوال التعبير عن الرأي بأفعال إجرامية مؤثمة قانوناً.

* الجرائم الواردة في الاقتراحات بقوانين لم تكن بالكثرة التي تجعل منها ظاهرة عامة ولم تقع لأسباب موضوعية مبررة، بل وقعت من عدد محدود من الأشخاص في عدد محدود من القضايا، الأمر الذي يثير شبهة الرغبة في اعفاء هؤلاء الأشخاص من الأحكام القضائية النهائية الصادرة ضدهم والتي هي عنوان الحقيقة والتي يعد اهدارها عدوانا على سلطة القضاء.

* ترى النيابة العامة أن يكون العفو عن هؤلاء الأشخاص وفقاً لما يراه سمو أمير البلاد المفدى، الذي يختص بسلطة العفو الخاص عن تنفيذ العقوبات المحكوم بها أو تخفيضها أو إبدالها بعقوبة أخف منها، وفقاً لنص المادة 239 من قانون الإجراءات والمحاكمات الجزائية.

وزارة العدل

وانضمت وزارة العدل إلى النيابة العامة في رأيها، وأبدت ملاحظاتها على النحو التالي:

* الاقتراحات بقوانين الثلاثة، المادة 75 من الدستور فرقت بين العفو عن العقوبة وبين العفو الشامل عن الجريمة بأن جعلت العفو عن العقوبة فردياً ومن اختصاص سمو الأمير، في حين جعلت العفو الشامل جماعياً ومن اختصاص السلطة التشريعية، وفي كلتا حالتي العفو لا بد أن تتوافر حالة تدعو فيها المصلحة القومية العليا للبلاد لممارسة هذه السلطة، ولا يسوغ تقرير هذا العفو لاعتبارات شخصية أو تحقيقاً للمجاملة الفردية للمحكوم عليه، إذ ان هذا يبطل العفو باعتباره سلطة أقرها الدستور لتحقيق مصلحة عامة مهمة للبلاد.

* الاقتراحان بقانونين الثاني والثالث، انصبا على جرائم فردية ارتكبها أشخاص محددون وصدر بشأنهم أحكام قضائية بعقابهم، حيث استهدف الاقتراحان اعفاءهم من العقاب.

ورأت وزارة الداخلية أن الاقتراح بقانون الأول، جاء بصيغة جزئية وخاصة وذلك بتحديده ليومين فقط هما 16 و17 نوفمبر لعام 2011، خلافاً لما استقر عليه الفقه في العفو الشامل بأن يكون بمنزلة اباحة للأفعال المجرمة المقصودة فقط حتى قبل تاريخ صدور هذا العفو.

وأضافت الداخلية: الاقتراحان بقانونين الثاني والثالث، جاءا بصيغة جزئية خاصة، حيث حصر أحدهما العفو الشامل في جناية واحد فقط، وحصرها الآخر بشخص واحد فقط، وفي ذلك مخالفة لما استقر عليه الفقه القانوني والتشريعات القانونية ذات الصلة وانحراف واضح وجلي لعمومية الأسابب التي يتطلبها العفو الشامل.

تأسيساً على ما تقدم، فإن الاقتراحات بقوانين الثلاثة لم تراع شروط وأهداف العفو الشامل الذي يتصف بالعمومية والشمولية».

  •  

جميع الحقوق محفوظة