الثلاثاء 06 أبريل 2021

الجنسية الأصلية... لا تُسحب بقرار

الجنسية الأصلية... لا تُسحب بقرار

الجنسية الأصلية... لا تُسحب بقرار

أرست محكمة التمييز مبدأً جديداً في حكمها المتعلق بطعن أحد المواطنين على قرار سحب جنسيته، عندما أخضعت قرارات الحكومة في مسألة سحب الجنسية بالتأسيس لرقابة القضاء، باعتبارها من الأعمال الإدارية، ولا تدخل في نطاق أعمال السيادة، مستندة في حكمها على المادة 27 من الدستور التي تنص على أنّ «الجنسية الكويتية يُحدّدها القانون، ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا في حدود القانون». المحكمة قضت في جلستها، برئاسة وكيل المحكمة المستشار محمد السيد يوسف الرفاعي، بإلغاء حكم محكمة أول درجة المؤيد بالاستئناف، والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر دعوى سحب الجنسية، مؤكدة أنّ الحكم جانبه الصواب، وأنّ قرار سحب الجنسية ليس أمراً سيادياً، وهو من اختصاص المحاكم الإدارية، وعليه أعادت دعوى الطاعن إلى محكمة أول درجة للفصل فيها كونها محكمة مختصة. وأكدت المحكمة في منطوق حكمها، أنّ الحكم المطعون فيه لم يفرق بين هذين النوعين من القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية «المنح والسحب» وقضى بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى، وهو حكم معيب يستوجب تمييزه، ولاسيما أنّ دعوى الطاعن لا تتعلق بقرار منح الجنسية أو عدم منحها له، ومن ثم تخرج منازعته من نطاق أعمال السيادة، وتتعلق بعمل من أعمال الإدارة التي تختص بها الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية إلغاءً وتعويضاً. وبيّن عضو مجلس الأمة السابق المحامي عبدالله الكندري وكيل المدعي أن «الحكم استند إلى نص المادة 27 من الدستور التي تمنع سحب أو إسقاط الجنسية إلا بمقتضى نص قانوني، وأن القرار الصادر بسحب الجنسية لم يستند إلى نص بالقانون، إنما استند لقرار من جهة الإدارة، وبالتالي يخضع للرقابة القضائية». وأوضح الكندري لـ«الراي» أنّ «المادة 166 من الدستور تعطي الجميع الحق بالتقاضي، كما أن الجنسية الأصلية لا يحق لجهة الإدارة سحبها»، لافتاً إلى أن «هناك قرارات تختص بالجنسية تخضع لرقابة القضاء». وبيّن الكندري أن الدعوى «أقامها ضد الحكومة بسبب تعسفها باستخدام ورقة سحب الجنسية دون وجه حق وبشكل قد يُقصد به ظلم وابتزاز بعض المخالفين لسياساتها، وليعود الحق للقضاء للفصل في هذا الموضوع المصيري»، معتبراً أن «الحكم انتصار للحريات ويقطع الطريق على التعسف». وفي تفاصيل الحكم، قضت محكمة التمييز، برئاسة وكيل المحكمة المستشار محمد السيد يوسف الرفاعي، بإلغاء حكم محكمة أول درجة المؤيد بمحكمة الاستئناف، والقاضي بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر دعوى سحب الجنسية، مؤكدة أن الحكم جانبه الصواب، لترسي محكمة التمييز مبدأ جديداً مفاده أن قرار سحب الجنسية بالتأسيس ليس أمراً سيادياً، وهو من اختصاص المحاكم الإدارية، وعليه أعادت دعوى الطاعن بقرار سحب جنسيته إلى محكمة أول درجة للفصل فيها كونها محكمة مختصة. وأكدت محكمة التمييز في منطوق حكمها، أن المشرع أنشأ دائرة إدارية بالمحكمة الكلية تختص بالمنازعات الإدارية المبينة به، واستثنى القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من الطعن عليها أمام هذه الدائرة، باعتبارها من أعمال السيادة، غير أن هذا الاستثناء يتعين حصره في قراره منح الجنسية أو رفض منحها، ويؤكد ذلك المادة 27 من الدستور، التي نصت على أن الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا في حدود القانون، وهذا لن يتأتى إلا بأعمال الرقابة القضائية على عمل الإدارة إلغاء وتعويضاً. وزير الشؤون: صرف المساعدات الاجتماعية قبل شهر رمضان منذ 22 دقائق لجان «الصحة» ترقبُ مصير «أسترازينيكا» منذ ساعة وفي حيثيات الحكم أن الوقائع تتحصل في أن الطاعن أقام دعواه، بطلب الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه بسحب ملف جنسيته مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال بياناً لدعواه إن والده حاصل على الجنسية الكويتية بالتأسيس، وتم تعديل اسم والده بموجب حكم قضائي، وقام بإضافة أسماء أبنائه إلى ملف جنسيته. ثم تم إيقاف استبدال جنسية والده وصدر قرار رئيس مجلس الوزراء بسحب الجنسية الكويتية بالتأسيس من والده، وصدر بعدها قرار بسحب شهادة الجنسية من والده، وذلك استناداً إلى تقرير مدير إدارة البحث والمتابعة بالجابرية الذي ورد فيه أن والده له شقيقة اسمها يخالف اسمه، وأن اسمه ورد بعقد زواجه وشهادة ميلاد ابنه الأكبر باسم مختلف، وقد أخفى الحقيقة عن لجنة الجنسية عند حصوله عليها، وقدم شهادات غير صحيحة، وأن تصحيح اسمه بعقد الزواج كان لتدارك الخطأ الوارد به، وقد تظلم من هذا القرار، ولكن من دون جدوى فأقام دعواه بالطعن في سحب جنسيته. الحكم المطعون فيه لم يُفرّق بين المنح والسحب وعدم الاختصاص الولائي مُعيب يستوجب التمييز شرحت المحكمة سير الدعوى، حيث تمت إحالتها إلى الدائرة الإدارية للاختصاص، والتي وردت إليها وقيدت بجدولها، وقضت محكمة أول درجة بعدم اختصاصها ولائياً بنظر الدعوى، فاستأنف الطعن هذا الحكم، فقضت محكمة الاستئناف برفضه وبتأييد الحكم المستأنف. وطعن الطاعن في هذا الحكم بطريق التمييز، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفضه، وإذ عرض الطعن على غرفة المشورة في هذه المحكمة، وحددت جلسة لنظره، وفيها صمم كل طرف على طلباته، والتزمت النيابة رأيها. وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى به الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، والخطأ في تطبيقه وتأويله والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال ومخالفة الثابت بالأوراق، وفي بيانه يقول - ما حاصله - إن المشرع أنشأ بالمرسوم بقانون 20 /1981، المعدل بالقانون 61 /1982، دائرة إدارية بالمحكمة الكلية تختص بالمنازعات الإدارية المبينة به، واستثنى القرارات الصادرة في مسائل الجنسية من الطعن عليها أمام هذه الدائرة، باعتبارها من أعمال السيادة، غير أن هذا الاستثناء يتعين حصره في قراره منح الجنسية أو رفض منحها، ويؤكد هذا النظر المادة 27 من الدستور الكويتي، التي نصت على أن الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاطها أو سحبها إلا في حدود القانون، وهذا لن يتأتى إلا بإعمال الرقابة القضائية على عمل الإدارة إلغاء وتعويضاً، ولما كان الطاعن يحمل الجنسية الكويتية، وبالتالي فإن دعواه لا تتعلق بقرار منح الجنسية أو عدم منحها له، ومن ثم تخرج منازعته من نطاق أعمال السيادة، وتتعلق بعمل من أعمال الإدارة التي تختص بها الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية إلغاء وتعويضاً، وإذ لم يفطن الحكم المطعون فيه التفرقة بين هذين النوعين من القرارات المتعلقة بمسائل الجنسية، وقضى بعدم الاختصاص الولائي بنظر الدعوى، فإنه يكون معيباً بما يستوجب تمييزه. تحصين القرارات الإدارية من الرقابة... استثناء رأت المحكمة أن المادة 166 من الدستور نصت على أن حق التقاضي مكفول للناس، ويبين القانون الإجراءات والأوضاع اللازمة لممارسة هذا الحق. وفي المادة 169 على أن ينظم القانون الفصل في الخصومات الإدارية بواسطة غرفة أو محكمة خاصة، يبين القانون نظامها وكيفية ممارستها للقضاء الإداري، شاملاً ولاية الإلغاء وولاية التعويض، بالنسبة إلى القرارات الإدارية المخالفة للقانون، وقانون إنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية، والمعدل بالقانون 61/ 1982 بإنشاء دائرة بالمحكمة الكلية لنظر المنازعات الإدارية، تختص دون غيرها بمسائل تكون لها فيها ولاية قضاء الإلغاء والتعويض، ومنها: (خامساً) الطلبات التي يقدمها الأفراد أو الهيئات بإلغاء القرارات الإدارية النهائية عند القرارات الصادرة في شأن مسائل الجنسية وإقامة وإبعاد غير الكويتيين... يدل على أن الأصل الدستوري هو أن حق التقاضي مكفول للناس كافة، فيكون لكل ذي شأن حق اللجوء إلى قاضيه الطبيعي، بما في ذلك الطعن على القرارات الإدارية النهائية وإخضاعها لرقابة القضاء، لذلك كان الأصل في حق التقاضي هو خضوع الأعمال والقرارات الإدارية لرقابة القضاء، وحظر تحصين أي منها في هذه الرقابة، وإن وجد هذا الحظر فهو استثناء وقيد على أصل الحق فلا يجوز التوسع في تفسيره أو القياس عليه، بما يمحو الأصل أو يجور عليه أو يعطله أو يتغول عليه. المشرّع لم يُعرِّف أعمال السيادة في مسألة الجنسية وترك تحديدها للقضاء اكتفاءً بإعلان مبدأ وجودها أكدت المحكمة أن المشرع أنشأ، دائرة إدارية بالمحكمة الكلية تختص دون غيرها بنظر المنازعات الإدارية المبينة به، وكان النص في البند (خامساً) من المادة 1 من هذا القانون، بعد أن قرر الأصل العام في إجازة طعن الأفراد والهيئات في القرارات الإدارية النهائية الصادرة في شأنهم، استثنى من ذلك بعض القرارات الإدارية، ومنها القرارات الصادرة في مسائل الجنسية، وكان هذا الاستثناء يعد قيداً على حق التقاضي، لما ينطوي عليه من حرمان ذوي الشأن من اللجوء إلى القضاء والطعن على القرارات الصادرة في مسائل الجنسية، وباعتبار أن حق التقاضي هو وسيلة حمايتها وضمان فاعليتها، والأصل فيه خضوع الأعمال والقرارات الإدارية لرقابة القضاء، ولذلك فإن الاستثناء من نظره لها يتعين قصر نطاقه على القرارات المتعلقة بمنح الجنسية أو رفض منحها، باعتبار أنها ترتبط بكيان الدولة وحقها في اختيار من يتمتع بجنسيتها، في ضوء ما تراه وتقدره في هذا الشأن وفقاً لما استقر عليه قضاء هذه المحكمة. ومما يؤكد هذا النظر أن المادة 27 من الدستور نصت على أن الجنسية الكويتية يحددها القانون، ولا يجوز إسقاط الجنسية أو سحبها إلا في حدود القانون، وهذا الأمر لا يتأتى تحققه إلا بالرقابة القضائية على عمل الإدارية، ومن ثم يجوز له الطعن عليها إلغاء وتعويضاً أمام الدائرة الإدارية بالمحكمة الكلية. ولا محل للقول بأن القرار الصادر في هذا الشأن يعد عملاً من أعمال السيادة التي لا يجوز للمحاكم نظرها وفقاً لنص المادة الثانية من قانون تنظيم القضاء الصادر بالمرسوم بقانون 23 /1990، ذلك أنه من المقرر أن المشرع لم يورد تعريفاً لأعمال السيادة التي نص عليها في المادة سالفة الذكر، وإنما ترك أمر تحديدها للقضاء اكتفاء بإعلان مبدأ وجودها، ومن ثم تكون المحاكم هي المختصة بتقرير الوصف القانوني للعمل الصادر من الحكومة، وما إذا كان يعد من أعمال السيادة من عدمه. القرارات الإدارية تصدرها الحكومة باعتبارها سلطة إدارة لا سلطة حكم خلصت المحكمة في حكمها إلى أن محكمة الموضوع تخضع في تكييفها لمسألة أعمال السيادة لرقابة محكمة التمييز، وأنه إن كان من المتعذر وضع تعريف جامع مانع لأعمال السيادة أو حصر دقيق لها، إلا أن قضاء هذه المحكمة جرى على أنها القرارات التي تصدرها الحكومة باعتبارها سلطة حكم وليس بصفتها سلطة إدارة. وتصدر في إطار وظيفتها السياسية كسلطة عليا تتخذ ما ترى فيه أمن الوطن وسلامته، حفاظاً على سيادة الدولة وكيانها ووحدتها الوطنية، أما القرارات الإدارية التي تصدرها بصفتها سلطة إدارية فإنها يجب أن تصدر في إطار القانون المنظم لها وتلتزم ضوابطه وحدوده وتخضع بالتالي لرقابة القضاء. لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن والد الطاعن كان يحمل الجنسية الكويتية، ومن ثم فإن دعواه لا تتعلق بطلب منح والده الجنسية الكويتية إو الغاء قرار منعها عنه، كما أن القرار المطعون فيه بسحب جنسية والده لا يعد عملاً من أعمال السيادة على النحو الموضح سلفاً، ومن ثم يخرج عن نطاقها ويكون عملاً من أعمال الإرادة التي تخضع لرقابة القضاء الإداري إلغاء وتعويضاً، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وقضى بعدم اختصاصه ولائياً بنظر الدعوى فإنه يكون قد خالف القانون بما يعيبه ويوجب تمييزه. وحيث إنه عن موضوع الاستئناف، ولما تقدم، وكان الحكم المستأنف قد قضى بعدم اختصاص المحكمة ولائياً بنظر الدعوى، فإنه يكون قد جانبه الصواب وخالف القانون بما يتعين إلغاؤه. ولما كانت محكمة أول درجة لم تستنفد ولايتها وحجبت نفسها، فإنه يتعين إعادتها إليها للفصل فيها، ذلك عملاً بالمادة (156) من قانون المرافعات. لذلك حكمت المحكمة أولاً بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع يتميز الحكم المطعون فيه، وألزمت المطعون ضدهم المصروفات وعشرين ديناراً مقابل أتعاب المحاماة. وثانياً في موضوع الاستنئاف، بإلغاء الحكم المستأنف وبإعادة الدعوى إلى محكمة درجة لنظرها. واعتبرت النطق بهذا الحكم إعلاناً للخصوم.

جميع الحقوق محفوظة