الأحد 07 يوليو 2019

الثقة بين الكويت والعراق الأفضل منذ 30 عاماً

الثقة بين الكويت والعراق الأفضل منذ 30 عاماً

الثقة بين الكويت والعراق الأفضل منذ 30 عاماً

نجحت حكومتا الكويت والعراق، بعد جهود دبلوماسية متصاعدة على امتداد العقد الماضي، تتوجت بزيارة سمو أمير البلاد الأخيرة إلى العراق، في رسم خريطة طريق لمستقبل علاقات قد تكون الأفضل على الإطلاق في تاريخ البلدين الجارين. الخريطة التي اتسمت باستثمار قيادة الكويت في «السلام بعيد المدى» تؤسس لعلاقات أفضل حتى من علاقات ما قبل الغزو. وقد تكون أجيال مستقبل البلدين الأكثر استفادة على الإطلاق من المسار الحالي للتعاون بين الجارين والانفتاح الهادئ على تعزز المصالح المشتركة. ويبدو أن مساعي سمو الأمير اليوم، قد تجنب أجيال المستقبل في الكويت أغلب احتمالات عودة أي توتر مع العراق مجدداً، خصوصاً بعد مضي البلدين في اقتلاع جذور أي خلافات أو مشكلة من شأنها توتير العلاقات على المديين المتوسط والبعيد. وقد قدمت الكويت مؤشرات عديدة خلال العقد الماضي أثبتت حسن نواياها تجاه مستقبل العلاقات مع العراق، الذي برهن بدوره من خلال حكوماته المتعاقبة على رغبة شديدة في كسب ثقة الكويت ودول المنطقة والعالم العربي والدولي. ووفق بحث تحليلي قام به مركز الخليج العربي للدراسات والبحوث لمستقبل علاقات البلدين، فإن مؤشر الثقة بين الكويت والعراق يعتبر الأفضل منذ مرحلة ما قبل الغزو، أي منذ 30 عاماً. وقد مكّن تعزز مؤشر الثقة من تحفيز وتيرة التقارب والتفاهم بين البلدين أكثر من أي وقت مضى. هذا التقارب الكويتي العراقي المتسارع مثلما يحمل آفاقاً واعدة يتضمن بعض التحديات أيضاً. فبالنسبة إلى الكويت قد يكون استمرار المسار الديموقراطي العراقي والتزام حكوماته بالمواثيق الدولية والحياد والتمسك بالمصلحة المشتركة للشعبين هو الضمان الوحيد الكفيل بتعزيز مناخ الثقة بين البلدين والذي من شأنه جعل نتائج التقارب إيجابية. وتتلخص أهم احتمالات إيجابيات نتائج التقارب الكويتي العراقي في دعم رؤية الكويت التنموية المستقبلية 2030. ومع ضمان عامل الاستقرار والأمن على المدى البعيد، يعتبر ترسيخ العلاقات بين البلدين على أساس المصالح المشتركة داعماً ثانياً لنجاح خطة الكويت التنموية حتى لا تصطدم بخلافات، أبرزها الخلافات الحدودية التي تحرص حكومتا البلدين على حسمها نهائياً، وبصفة خاصة الحدود البحرية. وعلى صعيد متصل، من المرجح أن فضاء السلام الذي يتأسس بين الكويت والعراق من شأنه أن يحفز نمو الاستثمارات المشتركة بين البلدين ويدعم خططهما التنموية مع الاستفادة من امكاناتهما الطبيعية والبشرية الكبيرة. وبفضل رؤية الاستثمار في السلام التي تنتهجها الكويت ومبادرات سمو الامير الإنسانية لدعم الشعب العراقي بجميع أطيافه من دون التحيز لأي طرف، تحسّن مؤشر الثقة المشتركة بين الحكومتين الكويتية والعراقية، وباتت المخاوف الشعبية في كلا البلدين تتبدد تدريجياً حول مستقبل الاستقرار، بعد أن أثبتت الحكومتان حسن النوايا والجدية في حسم جميع مخلفات الغزو وطي صفحة الماضي. وقد مكنت «سياسة التسامح والاستثمار في السلام» التي تتمسك بها الكويت في سياستها الخارجية من تهدئة توتر الخلافات مع العراق في وقت قياسي، كما شجعت العراق في المقابل -الذي شهد أزمات متتالية خلال العقد الماضي- على التشبث أيضاً بخيار حسن الجوار وصنع مستقبل مبني على التآخي ومصلحة الشعبين. وقد تبلورت مؤشرات بناء جسور الثقة وحسن الجوار بشكل سريع خلال العقد الماضي، وشهدت أوجها بصفة خاصة خلال السنوات الخمس الأخيرة بشكل تصاعدي. وبدأ البلدان في ملامسة النتائج الإيجابية لعامل تحسن الثقة على المستويين الإنساني والاقتصادي. وستتضح الإيجابيات أكثر على المدى المتوسط والبعيد. ووفق دراسة بعض الاحصائيات، من المتوقع أن يصبح العراق من بين كبار شركاء الكويت التجاريين على المدى القريب والمتوسط. لكن ما يثير القلق حول تحديات التحسن المستمر في العلاقات الكويتية العراقية هو احتمال حدوث صراعات إقليمية جديدة في المنطقة بين الولايات المتحدة وإيران بصفة خاصة والتي قد تؤثر بشكل أو بآخر على مسار التقارب الكويتي العراقي. الا أن مثل هذه الهواجس تسعى قيادات البلدين الى استباقها من خلال التوافق على الحياد والنأي بالنفس عن الدخول في صراعات إقليمية.  

جميع الحقوق محفوظة