الاثنين 13 يوليو 2020

التخبُّط الحكومي يعصف بشركات «الخاص»

التخبُّط الحكومي يعصف بشركات «الخاص»

التخبُّط الحكومي يعصف بشركات «الخاص»

يبدو أن تداعيات أزمة «كورونا» على أصحاب الأعمال بدأت تتجلّى بوضوح؛ إذ كشفت مصادر لـ القبس أن وزارة التجارة والصناعة تلقّت عشرات الطلبات لإلغاء تراخيص تجارية أو تقليص أفرع تابعة لها، على وقع ما خلّفته الجائحة من تبعات اقتصادية ثقيلة، أصبحت عبئاً على المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في ظل التخبّط الحكومي وغياب الحلول الناجعة والعملية.

وأفادت المصادر بأن وزارة التجارة تتلقّى منذ أيام طلبات كثيفة لفسخ عقود شركات، واستفسارات كثيرة لمعرفة آلية إلغاء التراخيص وما يترتب عليها من التزامات، موضحة أن إلغاء التراخيص التجارية سيتسبّب في مغادرة أعداد كبيرة من العمالة المسجلة على هذه الشركات إلى ديارها، خصوصاً أن القانون لا يسمح بتحويل إقامات العمالة المسجلة على المشروعات الصغيرة والمتوسطة إلا بعد مرور 3 سنوات على تأسيسها.

وأضافت المصادر: ان الأسباب التي أدت إلى إقبال عدد كبير من أصحاب الأعمال نحو إلغاء تراخيصهم تعود إلى عوامل عدة؛ أبرزها:

• عمق الأزمة وطول فترة إغلاق الأنشطة.

• ضبابية المشهد في ما يتعلّق بدفع الإيجارات والرواتب.

• تأخر الحكومة في إقرار خطط إنقاذية سريعة لأصحاب المشاريع.

• عدم وجود معالجة حصيفة، سواء من ناحية دعم الشركات أو تحفيزها لاستمرار أعمالها.

فيما يلي التفاصيل الكاملة

لم ترأف جائحة كورونا بقطاع الأعمال في الكويت، إذ ألقت بظلالها الثقيلة عليه، ليجد أصحاب الأعمال أنفسهم بقلب عاصفة عاتية لا يمكن لهم تجاوزها من غير دعم حكومي وخطة إنقاذ واضحة المعالم تساعدهم على النهوض بأعمالهم مجدداً. واليوم مع ترك الحكومة للقطاع الخاص يعاني وحيداً في أزمته، وضبابية المشهد والأمل بالإنقاذ، أصبحنا أمام واقع مرير ومؤلم يتمثل بإعلان عشرات المشاريع «الصغيرة والمتوسطة» عدم قدرتها على الاستمرار بأعمالها.

مصادر مسؤولة في وزارة التجارة والصناعة أكدت لـ القبس، أنها بدأت تتلقى خلال الأيام الماضية طلبات كثيفة لفسخ عقود شركات، ووردتها استفسارات كثيرة لمعرفة طريقة إلغاء التراخيص التجارية الرئيسية أو إمكان تقليص الأفرع التابعة لها.

وأشارت المصادر نفسها إلى أن غالبية طلبات الإلغاء تقدم بها أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعود ملكيتها إلى شباب كويتيين كسرتهم الأزمة الاقتصادية التي جاءت على إثر تفشى جائحة كورونا.

عمق الأزمة

وتوقعت المصادر أن يزيد حجم طلبات إلغاء التراخيص وفسخ العقود خلال الفترة المقبلة، وذلك نظراً لعمق الأزمة الاقتصادية والمالية التي مرت بها الأسواق بمختلف قطاعاتها في الكويت، وتوقف الأنشطة التجارية لكثير من الأعمال لفترة امتدت لخمسة أشهر، مما ترتب عليه تراكم الالتزامات في ظل غياب الدعم الحكومي لأصحاب هذه الأعمال.

وتابعت: إلغاء التراخيص التجارية يعنى بشكل مباشر إلغاء إقامات العاملين المسجلين على ملفاتها، مما يتوجب بحث العمالة المسجلة عليها عن كفيل آخر، إذا ما كانت تأشيراتهم قابلة للتحويل، أو أن يتم ترحيلهم عن البلاد بشكل نهائي، خصوصاً من المسجلين على رخص المشروعات الصغيرة والمتوسطة وهم الأكثرية. علما أن غالبية تلك المشروعات جديدة ولم يمضِ على تأسيسها سنتان على الأكثر، وإقامات العمالة المسجلة تحت هذا الباب لا يحق لها قانوناً تحويل اقاماتها على كفيل آخر، إلا بعد مرور 3 سنوات.

تجربة مريرة

وبالسياق نفسه، يقول أحد مقدمي طلب إلغاء التراخيص التجارية لـ القبس، من المقيدين على الباب الخامس الخاص بالتأمينات الاجتماعية إن تجربة ممارسة التجارة في الكويت كانت مريرة للغاية، وإنه لن يكررها ابدأ، فالجميع يتخلى عنك عند أول مشكلة، فالحكومة تركتنا نعاني وحدنا وبعض أعضاء مجلس الأمة ليست لديهم مصالح انتخابيه مع المبادرين فلذلك لم يقفوا معنا.

وتابع: «العمل الحكومي أكثر أماناً وراحة، فالرواتب مضمونة في نهاية كل شهر، ولا التزامات شهرية على الموظف الحكومي كما أصحاب الأعمال الذين يعملون على تأمين رواتب موظفيهم والإيجارات إضافة إلى الالتزامات تجاه الموردين والبنوك».

«الصندوق» حجر عثرة أمام المبادرين

يقول مبادر مدعوم من الصندوق الوطني لرعاية وتنمية المشروعات الصغيرة والمتوسطة، تقدمت وعدد من المبادرين منذ أكثر من شهر للحصول على تمويل مساند من أحد البنوك المحلية للاستفادة من خطة التحفيز الاقتصادي والفائدة المنخفضة لإنقاذ مشاريعنا، إلا أن طلب التمويل معلق على شهادة تصدر من الصندوق الوطني، والأخير يماطل في منحي الشهادة لأسباب مجهولة ويعيق استكمال إجراءات التمويل.

وتابع: «هذا الأمر ينطبق على العديد من المبادرين من الصندوق،إذ لم يحصل أحد منهم حتى الآن على دعم إضافي من البنوك، بسبب مماطلة الصندوق في منحنا الشهادات الصادرة منه والتي تعتبر شرطاً لمنح البنوك المبادرين من المدعومين من الصندوق الوطني تمويلاً إضافياً. علماً بأن اللائحة التنفيذية للصندوق الوطني تسمح بأن المبادر الممول منه، له الحق بالحصول على تمويل لا يتجاوز 50 في المئة من إجمالي ما حصل عليه من دعم سابق من الصندوق».

أسباب جوهرية لإلغاء التراخيص

 

قالت مصادر مطلعة إن عدداً كبيراً من المسجلين على الباب الخامس يرغبون في العودة إلى العمل الحكومي للبحث عن الأمان الوظيفي. موضحين أن الأسباب التي أدت لإقبال عدد كبير من أصحاب الأعمال نحو إلغاء تراخيصهم يعود لأسباب عدة منها على سبيل المثال:

- عمق الأزمة وطول فترة إغلاق الأنشطة واستمرار أصحاب الأعمال بدفع رواتب العمالة.

– لا وضوح في عملية تمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبطء وتلكؤ من قبل بعض الجهات الحكومية في تطبيق خطط التحفيز الاقتصادي التي اقترحها محافظ البنك المركزي الدكتور محمد الهاشل، الذي استقال بسبب بطء التحفيز.

- مصير استحقاق دفع إيجارات المحال ومقرات الشركات لا يزال في علم الغيب، فلا قرار حكومياً لهيكلة آلية الدفع وتأجيلها، ولا تشريع برلمانياً يخفف حجم المشكلة.

- عدم توافر معالجة حكومية حصيفة وسريعة سواء من ناحية الدعم المالي للشركات، أو تحفيز الاقتصاد.

- عدد من الشركات كانت أساساً خاسرة قبل الأزمة، وتفشي الجائحة عمَّق جراحاتها أكثر.

إفلاس متعمد لكسب الوقت

قالت مصادر قانونية : ربما يتعمد بعض أصحاب الأعمال الذهاب إلى «تصفية وإفلاس» شركاتهم، خصوصاً ممن لديهم مديونيات كبيرة لمصلحة بنوك أو التزامات مالية كبيرة مع موردين، لأسباب عدة منها عدم القدرة على الدفع، خيار الذهاب للمحاكم يمنح طالب الإفلاس مزيداً من الوقت ربما يصل إلى سنوات لتسوية أوضاعه، دون انتظار قانون الإفلاس الجديد «المزعوم»، الذي تسعى الحكومة لإقراره قريباً.

محال خُلُوها بعشرات الآلاف.. تبخرت

قال مصدر عقاري إن عدد المناطق الحرفية مثل أسواق القرين والعارضية بدأ يشهد هجرة من أصحاب المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك للخروج بأقل الخسائر من الأزمة الطاحنة التى طالتهم بسبب توقف الأعمال التجارية والحظر الكلي والجزئي الذي طبقته الحكومة خلال الأربعة الأشهر الماضية.

وأضافت أن عدداً من أصحاب المحال دفعوا سابقاً «خلواً بعشرات الآلاف من الدنانير» للحصول على محل ذي موقع مميز، والآن يبحثون عمن يسدد إيجاراتهم المتأخرة للتخلي عنه.

جميع الحقوق محفوظة