الأربعاء 12 سبتمبر 2018

الادعاء في «محكمة لاهاي» يرْبط «حزب الله» باغتيال الحريري

الادعاء في «محكمة لاهاي» يرْبط «حزب الله» باغتيال الحريري

الادعاء في «محكمة لاهاي» يرْبط «حزب الله» باغتيال الحريري

لا صوت يعلو فوق صوت... مَحْكَمَة! هكذا بدت بيروت أمس مع انطلاق قطار جلسات المرافعات الختامية في محاكمة المتَهمين الأربعة من «حزب الله» باغتيال الرئيس رفيق الحريري أمام المحكمة الدولية الخاصة بلبنان في لاهاي. فأمام غرفة الدرجة الأولى في المحكمة، عاد «الزمن الى الوراء» الى يوم 14 فبراير 2005 حين وقع الانفجار - الرسالة «المُرعب» وحلّ «الظلام الحالك» باغتيال الحريري ومعه 21 شخصاً وجرْح 226 بنحو 2.5 طنّ من المتفجرات. وفي بدء مُرافَعَتِه الختامية، بدا فريق الادعاء وكأنه «شاهِد عيان» على «تمثيل الجريمة» من المتَّهَمين الذين يُحاكَمون غيابياً متسلّحاً بأكثر من 2400 بيّنة وثائقية، معيداً تركيب المسرح العملاني للجريمة وأدوار المخططين والمنفّذين والدوافع السياسية للجريمة. ومن «نار» الموكب المتفحّم للحريري التي استُحضرتْ «ألسنتها» أمس، استرجع فريق الادعاء الأدوار التخطيطة والتنفيذية للمتَهمين الأربعة سليم جميل عياش، حسن حبيب مرعي، حسين حسن عنيسي وأسد حسين صبرا كما «العقل المدبّر» والمُشْرف على جريمة الاغتيال مصطفى بدر الدين (أسقطت المحكمة المُلاحقة عنه بعدما قضى في سورية)، استناداً الى أدلّة ترتكز على شبكات الاتصال الأربعة التي استخدمها المتَهَمون والتي جرى كشْف خرائطها وتفكيكها منذ انطلاقها في رصْد ومراقبة تحركات الحريري الى يوم اغتياله. والى الجانب التقني والعملاني من الجريمة طغى العنصر السياسي على القسم الأول من مرافعات الادعاء الذي يتعاطى مع اغتيال الحريري على أنه «جريمة سياسية»، وسط تركيزٍ على تظهير ارتباطات المتَهمين بـ«حزب الله» سياسياً وتنظيمياً، ليس لملاحقة الحزب كتنظيم ومجموعة قضائياً، بمقدار ما بدا أنه في إطار تحميله «مسؤوليةً سياسيةً»، كما النظام السوري، ربْطاً بدوافع الجريمة التي جرى تفصيلها أمس بوضوح. وتجلّى حرْص الادعاء على ربْط المتَهمين بـ«حزب الله» عبر الوقائع الآتية: • وصْفه بدر الدين بأنه كان مسؤولاً كبيراً في «حزب الله» وخبرته العسكرية الواسعة أوصلتْه لقيادة قواته في سورية، وهذا ما يفسر الطريقة المتطورة في اغتيال الحريري وقدرته على الوصول الى الموارد لتنفيذ الجريمة، مستحضراً الإشادة به بعد مقتله في كل من بيروت ودمشق وطهران وتقديمه على انه «بطل»، ولافتاً الى ان قيادة «حزب الله» سبق ان وصفت المتَهمين بأنهم «إخوة مقاومون» و«مقاومون شرفاء». • إعلانه ان «الشبكة» الخضراء(للاتصالات) التي كان يَستخدمها بدر الدين هي شبكة سرية تابعة تماماً إلى «حزب الله»، وان المتهَمين كان يجمع بينهم تشارُكهم في مؤامرة الاغتيال وانهم مؤيّدون لـ«حزب الله». أما في «السياق السياسي» للجريمة، فبدا جلياً سعي الادعاء الى ربْط «حزب الله» والنظام السوري بدافعها الرئيسي رغم تأكيده طان الادعاء ليس بحاجة ولا يسعى للتوصل الى أي استنتاج بحق الدول او المنظمات وليست الغرفة بحاجة الى ذلك لإدانة المُتَّهَمين. وأعلن الادعاء «ان الاغتيال وقع على خلفية التصعيد الخطير في التوترات السياسية والتصعيد في الخطابات السياسية وفي العنف ومن بين أمور جمة كان هناك التمديد للرئيس أميل لحود الذي سهّله الرئيس الحريري تحت التهديد والاكراه من (بشار) الأسد. ترافق ذلك كما مع ضغوط دولية شديدة في سياق قرار مجلس الامن 1559»، مذكّراً بتنظيم «تظاهرات سياسية هائلة بقيادة حزب الله تتعلق بمعارضة القرار (...) والسيد الحريري صنّف من اشخاص موالين لسورية على انه (بركيل قريطم)، وطبعاً كل هذه الأحداث حصلت على خلفية الانتخابات النيابية المقبلة التي كانت على الأرجح ستغيّر موازين القوى الديموقراطية في لبنان بشكل حاسم لصالح الحريري الذي كان يُعتبر من داعمي استمرار السيطرة السورية على انه تهديد خطير لمصالحهم وعلى انه حليف للمعارضة وهذا سيؤثر في إمكان فوزهم بالانتخابات وتالياً سيؤثر سلباً على القبضة السورية على لبنان». وفي ضوء الخشية من تفاعلات المراحل الأخيرة من جلسات المحاكمة، اكتسب كلام الرئيس المكلف تشكيل الحكومة سعد الحريري من أمام مقرّ المحكمة بعدما حضر الجلسة الأولى من المرافعات الختامية للادعاء (تستمرّ حتى الخميس)، أهمية خاصة إذ أعلن «انه يوم صعب بالنسبة لي كنجل رفيق الحريري الذي لم يعد موجوداً معنا، وهو كذلك يوم صعب للبنان»، مؤكداً «طالبنا بالعدالة والحقيقة اللتين نؤمن بأنهما تحميان لبنان، ولم نلجأ يوماً الى الثأر»، مضيفاً: «بالنسبة لي أهمّ شيء هو البلد (...) وكل مَن ارتكب هذه الجريمة سينال عقابه عاجلاً ام آجلاً». وحين سئل: سمعنا ان من الممكن ان يكون حزب الله او احد قيادييه قد اتخذ قرار الاغتيال فإذا كان هذا صحيحاً ماذا ستكون ردة فعلك وخصوصاً وانت تشكل الحكومة؟ أجاب:«لا أعرف ماذا سيكون القرار النهائي فلننتظر ونرَ ولا نستبق الأمور. في النهاية نحن في بلد نعيش فيه مع بعضنا البعض ونريد ان نعيش معاً لمصلحة البلد»، مضيفاً: «عندما يكون الانسان في الموقع الذي انا فيه اليوم عليه ان يضع مشاعره جانباً». وعن موقفه مما قيل ماذا عن ان الرئيس الشهيد كان يشكل تهديداً خطيراً لمصالح سورية في لبنان وان هذا هو الطابع السياسي للجريمة؟ قال: «الجميع يعلمون كم كان المشكل كبيراً بين الرئيس الشهيد والنظام السوري. وسأتعامل مع الموضوع من موقعي كمسؤول بمسؤولية كاملة لحماية البلد. لا شك ان هناك أمورا تجرح قد يتأثر بها الانسان، ولكن امام موقع المسؤولية على الشخص ان يتطلع الى مصلحة البلد، وما يهمنا التركيز على استقرار لبنان».

جميع الحقوق محفوظة