الأربعاء 20 نوفمبر 2019

إيران تنتفض.. «ارتفاع سعر البنزين» القشة التي قصمت ظهر البعير

إيران تنتفض.. «ارتفاع سعر البنزين» القشة التي قصمت ظهر البعير

إيران تنتفض.. «ارتفاع سعر البنزين» القشة التي قصمت ظهر البعير

شهدت إيران يوم الجمعة الماضي، احتجاجات واسعة على إثر إعلان الحكومة ارتفاع أسعار البنزين بنسبة 50%، وسيسمح لكل سائق بشراء 60 لترا من الوقود شهريا بسعر 15 ألف ريال للتر الواحد، ويكلف كل لتر إضافي 30 ألف ريال.

لكن هل ارتفاع سعر البنزين هو السبب الرئيسي لاندلاع الاحتجاجات في إيران، أم أنه كان القشة التي قصمت ظهر البعير؟

اقتصاد إيران

يعد اقتصاد إيران هو ثالث أكبر اقتصاد في منطقة الشرق الأوسط والتاسع والعشرون في العالم بحجم 337.9 مليار دولار في 2010، ويعتمد اقتصاد إيران بشكل كبير على تصدير النفط والغاز.

وبحسب تقرير البنك الدولي، ففي عام 2017، بلغ إجمالي الناتج المحلي في إيران 447.7 مليار دولار، ويلعب القطاع الهيدروكربوني وقطاعا الزراعة والخدمات دورا بارزا في الاقتصاد الإيراني، وتحل إيران في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي والمرتبة الرابعة من حيث احتياطيات النفط الخام المثبتة.

وانخفض نمو إجمالي الناتج المحلي لإيران في 2017 / 2018 إلى 3.8%، وفي السنتين الأخيرتين، لم يكن هناك تعاف قوي في القطاعات الأساسية، كالإنشاءات والتجارة، وخدمات المطاعم والفنادق، وذلك في أعقاب حالة الركود التي ضربت النمو في أثناء فترة العقوبات، واستمرار الأعباء بسبب مشكلات القطاع المصرفي، ولا يزال معدل البطالة مرتفعا عند مستوى 12.1%، وتشير معدلات البطالة بين الذكور والإناث البالغة 10.2 % و19.7% على الترتيب إلى استمرار وجود فجوات بين الجنسين في سوق العمل.

نسبة الفقر في إيران

وفقاً لـ «إذاعة فاردا»، فإن 33% أي 26 مليون شخص من سكان إيران يعيشون في فقر مدقع، وأن 6% جائعون أي 5 ملايين شخص.

وقال خبير اقتصادي إيراني بارز للإذاعة إن الأسر في المناطق الريفية من البلاد التي يقل دخلها عن 20 مليون ريال شهرياً تعيش في فقر.

في حين أن وزارة التعاونيات والعمل والرفاه الاجتماعي الإيرانية تحدد مستوى دخل الفقر أقل بكثير من سبعة ملايين ريال (حوالي 160 دولارًا) شهريًا لعائلة مكونة من خمسة أفراد.

ونقلت وكالة فارس عن فتاح، وهو قائد سابق في الحرس الثوري الإسلامي ووزير الطاقة في عهد الرئيس محمود أحمدي نجاد «أن الفقراء الذين تشملهم إعانات لجنة الإغاثة، ومنظمة الرفاه، والجمعيات الخيرية، لا يتجاوز 10 ملايين نسمة، بينما رسمياً هناك 20 مليون شخص يعيشون تحت خط الفقر، وفي تعريف الدولة ووفقاً لمحاسبتها فهناك 40 مليون شخص يحتاجون إعانات بمبلغ شهري قدره 45 ألف تومان».

العقوبات الأميركية

منعت واشنطن في أغسطس 2018 الحكومة الإيرانية من شراء الدولار، ما أدى إلى صعوبات جمة بوجه السكان والشركات للحصول على الدولار، وحظرت التعاملات بين المؤسسات المالية الأجنبية والمصرف المركزي الإيراني وكامل المصارف الإيرانية، ولم يعد بإمكان هذه المصارف الوصول إلى النظام المالي العالمي.

وتستهدف العقوبات قطاعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس والفحم، والسيارات والطيران التجاري، وتخلت غالبية شركات تصنيع السيارات الأوروبية عن استثماراتها في إيران.

كما أقرت واشنطن عقوبات جديدة على إيران استهدفت المرشد الأعلى وقادة في الحرس الثوري، في إطار الضغوط التي تمارسها الولايات المتحدة في مواجهة سياسات طهران المزعزعة للاستقرار في المنطقة.

 

وتستهدف العقوبات قطاعات النفط وقطاع البتروكيماويات والتعاملات المالية والحرس الثوري، في خطوة لإجبار طهران على العودة الى طاولة المفاوضات لبحث ملفها النووي ودورها في الشرق الأوسط.

وتسعى إدارة الرئيس ترامب إلى جعل الصادرات النفطية الإيرانية «أقرب ما يكون إلى الصفر»، وهذا أمر تقول إنها ستكون قادرة على الوصول إليه خلال العام الحالي.

وتقول وكالة بلومبيرغ إن الصادرات النفطية الإيرانية انخفضت من 1.5 مليون برميل يوميا في أكتوبر 2018 إلى 750 ألف برميل في أبريل.

وكي تقاوم الحكومة الإيرانية العقوبات الأميركية اضطرت لتطبيق سياسات اقتصادية تقشفية من جهة، والاعتماد على الصادرات غير النفطية الواقعة تحت العقوبات الأميركية من جهة أخرى.

واضطرت إلى رفع أسعار الصرف وفتح المجال أمام غلاء الأسعار كي يعود المجتمع الإيراني الذي تعود على حياة استهلاكية إلى حياة تقشف.

وعبر هذه السياسة تستطيع أن تخفف من عبء حاجتها إلى العملة الصعبة لاستيراد البضائع من جهة، وتقوية الإنتاج الداخلي وتخفيض الإنفاق العام للحكومة من جهة أخرى.

القشة التي قصمت ظهر البعير

بالرغم من وعد روحاني أنه قبل نهاية ولايته الثانية في عام 2021، سوف يلغي الفقر المدقع في إيران، فإن مثل هذه الوعود هي مجرد كلمات، إذ يبدو أن هناك أربعين عامًا كافيًا لتخفيف حدة الفقر، وهو الشاغل الاجتماعي الأساسي لدى ملايين الإيرانيين ، الذين لا يتوقعون حدوث أي تغيير عميق، ويمكن ملاحظة خطورة الموقف، ليس فقط في الاحتجاجات ولكن أيضًا في الأبحاث العلمية ووسائل الإعلام الرسمية وشبه الرسمية التي نوقشت أدناه.

ووفقاً لوكالة الأنباء الإسبانية «EFE»، فإن الضحية الأولى كانت العملة الوطنية للعقوبات الأميركية «الريال» عانى انخفاض قيمة قوي مقابل الدولار، وتراجع من 40 ألفاً إلى الدولار إلى 150 ألفاً إلى الدولار.

كما أثرت على قطاع البنوك والنفط في بلد يعتمد اقتصاده إلى حد كبير على صادرات النفط.

وازدادت التوترات منذ الشهر الماضي ، عندما قررت الولايات المتحدة عدم تجديد إعفاءات العقوبات لشراء النفط الخام الإيراني الذي مُنح لثماني دول.

رداً على الضغوط، أعلن الرئيس الإيراني حسن روحاني يوم الأربعاء أن بلاده ستقلل من التزاماتها بالاتفاقية النووية ومنحت 60 يومًا للجهات المتبقية الموقعة على المعاهدة (روسيا والصين وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا) لحل القيود الحالية على بيع النفط والنظام المصرفي.

وقد انهار سوق Grand Bazaar في طهران، المعترف به كقلب لاقتصاد البلاد، حيث أغلقت بعض المتاجر أبوابها بالكامل وأُبلغ عن خسائر أخرى.

وأكد العديد من الإيرانيين أنهم قللوا بشكل كبير من مشترياتهم من الدجاج، بينما اختفى لحم البقر ولحم الضأن من طاولاتهم تمامًا.

وتضاعفت أسعار المواد الغذائية بشكل عام، وأحيانًا تحدث الزيادة يوميًا، في حين أن بعض المنتجات الأساسية، بما في ذلك الأدوية، نادرة في السوق بسبب القيود المفروضة على الواردات.

كما أن ندرة السلع من حين لآخر ناتجة عن الفساد الداخلي والتخزين من قبل رواد الأعمال والتجار الذين يرغبون في رفع الأسعار.

انعدام الأمن الاقتصادي غرس عدم ثقة كبيرة في السكان، ففي الأسبوع الماضي ظهرت طوابير طويلة في محطات الوقود بعد أن ذكرت وسائل الإعلام المحلية أن لتر البنزين سيزداد من 10000 إلى 25000 ريال.

جميع الحقوق محفوظة