الثلاثاء 25 أبريل 2017

«ماكرون» نحو الإليزيه

«ماكرون» نحو الإليزيه

«ماكرون» نحو الإليزيه

فوز مريح يجزم عدد من المطلعين على الشأن السياسي في فرنسا بأنه سيحمل مرشح حركة «إلى الأمام»، إيمانويل ماكرون، إلى قصر الإليزيه، مستفيدا من مخاوف الفرنسيين والطبقة السياسية في البلاد من احتمال صعود اليمين المتطرف إلى الحكم. ووفق عدد من المحللين السياسيين، فإن الخوف من وصول مرشحة التيار المتطرف، مارين لوبان إلى الحكم، أضحى شبيها بـ«الفوبيا»، وهذا ما يفسّر، من بين عوامل أخرى، انفجار المواقف الداعية إلى التصويت لماكرون، بمجرد الإعلان الأحد عن النتائج الجزئية للدور الأول للرئاسية.
الاستطلاعات تمنح ماكرون في الجولة الثانية المقررة بعد أسبوعين، أريحية مقارنة بمنافسته، وإن تظل احتمالات وقوع مفاجأة غير منتظرة تخيّم على اقتراع يبدو شبيها إلى حدّ الآن بانتخابات 2002 التي أفرزت بدورها عبور اليميني جاك شيراك، واليميني المتطرف، جان ماري لوبان، إلى الدور الثاني، قبل أن يفوز بها الأول بنتيجة ساحقة (%82.2).
وفي الواقع، فإن الخطّ السياسي للمرشح الوسطي هو ما مكّن من استقطاب ناخبي اليسار في الدور الثاني أكثر مما فعلت لوبان، وهذا ما سلطت مراكز استطلاعات الرأي الضوء عليه، مع أن حصوله على أصوات هذا التيار يعد أمرا عاديا بالنسبة لمرشح يصفه الكثيرون بأنه «وريث» الرئيس الاشتراكي المنتهية ولايته، فرنسوا هولاند.
ووفق استطلاع «إيبسوس ستيريا» فإن ماكرون سيحصل – علاوة على ناخبيه الذين صوتوا له – على %62 من ناخبي مرشح اليسار الراديكالي، جان لوك ميلونشون، و%79 من ناخبي مرشح الاشتراكيين، بنوا آمون، و%48 من ناخبي مرشح اليمين التقليدي، فرنسوا فيون.

«فوبيا» اليمين المتطرف
توفيق ونّاس، الدبلوماسي التونسي السابق بالأمم المتحدة، يرى أن الخوف من وصول لوبان إلى الحكم هو ما يمنح ماكرون فوزا سهلا بالرئاسية.
ولفت ونّاس إلى أن المجتمع في عمومه والطبقة السياسية في مجملها بفرنسا، يحملان هذا الخوف الذي تحوّل في فترة ما إلى ما يشبه «الفوبيا» من تيار يحمل عداء تاريخيا للمسلمين وللأقليات العرقية والدينية، وهو السبب نفسه الذي منح شيراك عام 2002 أسبقية مريحة على خصمه لوبان الأب.
ومقتنعا بأن الفرنسيين شعب منفتح يكره الانغلاق والعزلة، اعتبر الدبلوماسي أن برنامج لوبان القائم بالأساس على فرض سياسة حمائية والمراقبة على الحدود مع بقية بلدان منطقة اليورو، إضافة إلى الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، مع ما تستبطنه تدابير مماثلة من ارتدادات وخيمة على القدرة الشرائية للفرنسي، يخصم من رصيدها الانتخابي بشكل آلي.
موقف وناس لاقى تأييدا من قبل المحلل السياسي التونسي، عبد الله العبيدي، والذي سلط الضوء، على نقطة أخرى تتعلق بماكرون، هذا المصرفي الذي تقلد وزارة الاقتصاد في بلاده بين عامي 2014 و2016، والذي قال إنه يحظى أيضا بدعم عالم الأعمال في بلاده وحتى خارجها.
وبالنسبة للمحلل السياسي، وهو أيضا دبلوماسي سابق، فإن «التفاف معظم السياسيين الفرنسيين حول ماكرون، يستبطن تكتيكا تفرضه الضرورة ومتطلبات المرحلة، توقيا من قبضة اليمين المتطرف، مع جميع التهديدات التي يطرحها التيار على الوحدة الأوروبية وعلى الدبلوماسية الفرنسية وجميع القضايا ذات الصلة بالهجرة والأقليات».

قراصنة
في غضون ذلك، تعرضت الحملة السياسية لماكرون لهجوم من عدد من القراصنة الروس الشهر الماضي، بحسب تقرير لمجموعة بحث في أمن المعلوماتية.
وجاء في تقرير مجموعة «تريند مايكرو» التي مقرها اليابان أن جماعة «بون ستورم» المرتبطة بعدد من الهجمات المعلوماتية في الغرب، استخدمت تقنية «فيشنغ» لمحاولة سرقة بيانات شخصية من ماكرون وأعضاء حملته «إلى الأمام».
ويعتقد أن «بون ستورم» المعروفة كذلك باسم «ايه بي تي 28» كانت وراء هجمات الصيف الماضي على اللجنة الوطنية الديموقراطية الأميركية بهدف إفشال الحملة الانتخابية للمرشحة الديموقراطية هيلاري كلينتون إلى البيت الأبيض.
ويشتبه بعلاقة هذه المجموعة بأجهزة الأمن الروسية، واعتبرت موسكو مؤيدا قويا لمنافسة ماكرون المرشحة اليمينية مارين لوبان التي التقت الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في زيارة مفاجئة إلى موسكو قبل الانتخابات. لكن روسيا نفت الإثنين أي تدخل في الانتخابات الفرنسية.

جميع الحقوق محفوظة