الاثنين 13 يوليو 2020

«فايننشيل تايمز»: تهريب 6 مليارات دولار.. إلى خارج لبنان

«فايننشيل تايمز»: تهريب 6 مليارات دولار.. إلى خارج لبنان

«فايننشيل تايمز»: تهريب 6 مليارات دولار.. إلى خارج لبنان

كشف مسؤول مالي لبناني رفيع سابق عن قيام مصرفيين «بتهريب» ما يصل إلى 6 مليارات دولار من لبنان منذ أكتوبر الماضي، متجاوزين الضوابط التي وضعتها الدولة لوقف هروب رأس المال من البلاد التي تمر بأسوأ أزمة مالية منذ 30 عامًا.

قال آلان بيفاني، الذي استقال من منصبه كمدير عام للمالية العامة قبل أسبوعين احتجاجًا على طريقة تعاطي الدولة مع الأزمة، في مقابلة مع صحيفة «فايننشيل تايمز» أن النخبة السياسية والمصرفية كانت تحاول «الاستمرار في الانتفاع من النظام دون أن تلحق بها أي خسارة، بينما يدفع المواطن العادي اليوم ثمنا باهظا».

وادعى بيفاني أن بيانات القطاع المصرفي أظهرت أن ما بين 5.5 إلى 6 مليارات دولار «تم تهريبها الى خارج البلاد» من قبل «المصرفيين الذين لم يسمحوا للمودعين الآخرين بسحب أكثر من 100 دولار من مدخراتهم».

وقال أنه وصل الى هذه التقديرات بناء على تحليل الأرقام والمشاورات مع سلطة الرقابة المصرفية اللبنانية.

وكانت المخاوف من حدوث ضغوط على البنوك، قد دفعت الدولة في أكتوبر الماضي، إلى تطبيق قيود مصرفية غير رسمية تمنع المودعين من سحب ما لا يقل عن 200 دولار كل أسبوعين ولا يمكنهم تحويل الأموال إلى الخارج، إلا في ظروف استثنائية، ولم تصدر الحكومة تشريعا لضبط رأس المال، لكن البنوك وضعت قيودا خاصة بها.

دق ناقوس الخطر

على الرغم من الضوابط، انخفضت ودائع العملات الأجنبية للعملاء من 82 مليار دولار في الخريف الماضي إلى 71 مليار دولار بحلول مايو، وفقًا لبيانات البنك المركزي. وقال محافظ البنك، رياض سلامة إن معظم هذا الانخفاض مرتبط بتسوية قروض محلية.

وكان بيفاني، أكبر مسؤول في وزارة المالية لمدة 20 عامًا حتى استقالته، أول من دق ناقوس الخطر بشأن ما وصفه بـ «التفكيك السريع للدولة».

وبمقارنة المشاكل التي يشهدها لبنان الآن مع تلك في عام 1975، عندما اندلعت الحرب الأهلية التي استمرت 15 عامًا، قال بيفاني إنه رأى «عودة شياطين الماضي في لبنان يعودون، بينما يجد 5 ملايين من البشر عالقين في وضع مُزرٍ وخطير للغاية».

ويأتي تحذيره مع غرق لبنان في أزمة اقتصادية متجذرة في اعتماد على الواردات وتراكم 90 مليار دولار من الديون الحكومية، والتي عجز عن سدادها في شهر مارس الماضي، وأدت الاحتجاجات الشعبية ضد الفساد لفساد في أكتوبر الماضي والتي أطاحت بالحكومة والمزيد من الاضطرابات هذا الربيع الماضي، والأزمة المصرفية وتأثير جائحة كورونا، الى تفاقم مشكلات البلاد.

ومن المتوقع أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 13.8 في المائة هذا العام، وفقاً للأرقام الرسمية. وقد توقفت تدفقات العملة الصعبة، وانخفضت قيمة صرف الليرة اللبنانية بنسبة 80 في المائة في السوق السوداء، وبلغ معدل التضخم حوالي 56 في المائة. وقد أثار هذا الوضع المخاوف من إمكانية تجدد التوترات الطائفية.

كلنا إرادة

لقد أحدث بيفاني موجة من الصدمات في لبنان عندما أصبح ثاني مسؤول يستقيل من فريق الحكومة الذي يتفاوض على خطة إنقاذ مع صندوق النقد الدولي، وقالت مجموعة «كلنا إرادة» للضغط من أجل الإصلاح المحلية اللبنانية، إن استقالة هذا الموظف الحكومي البارز في لبنان «فضحت نظاما غير قادر على الإصلاح وأسير مصالح خاصة».

وتوقفت محادثات صندوق النقد الدولي منذ ذلك الحين بسبب الخلافات اللبنانية الداخلية بشأن حجم خسائر القطاع المالي.

وواجه بيفاني اتهامات من معارضين، بأنه قفز من السفينة وهي في وسط العاصفة وأنه يطمح لخلافة سلامة كمحافظ للبنك المركزي. ولكنه نفى رغبته في تولي هذا المنصب ووصفه بـ «المهمة الرهيبة».

على الرغم من خوض بيفاني مواجهات مع سياسيين، إلا أن المعارضين يرون أنه خرج على النظام الذي كان جزءاً منه، بعد فوات الأوان.

ورفض الانتقادات قائلاً «إذا كان يعنيك ما يحدث في بلدك، فأنت إما تقاتل أو لا تقاتل»، مؤكدًا أنه اختار تقديم استقالته الآن بدلاً من التواطؤ في انهيار من شأنه أن يفاقم الظلم.

وقال إن الأزمة كشفت عن تصميم الطبقة السياسية التي احتكرت السلطة منذ عام 1990 على حماية مصالحها الخاصة.

 

 

واتهم بيفاني ما وصفها بـ «نخبة المال القذرة» من السياسيين والمصرفيين، بإلقاء عبء الأزمة الاقتصادية على المواطن، وقال أن «ما يجري الآن هو أن الخسائر تحملها المواطن العادي، إلى حد كبير، من خلال انهيار قيمة الليرة اللبنانية».

الهندسة المالية

ويشير المنتقدون أيضًا إلى أن بيفاني، بصفته المسؤول المالي الأرفع في الخدمة المدنية، كان عضوًا في مجلس الإشراف على البنك المركزي عندما ابتكر البنك ما عُرف بخطة «الهندسة المالية« المثيرة للجدل التي كانت تهدف الى زيادة تدفق الدولار الى البلاد.

منذ عام 2016، منح البنك المركزي أسعار فائدة عالية على الودائع بالدولار، مما حافظ على تدفق الدولار إلى البلاد ودعم المقرضين المحليين. لكن أسعار الفائدة المرتفعة لأكثر من 10 في المائة قلصت الاستثمار في الصناعات الإنتاجية حيث أودعت البنوك أكثر من نصف أصولها في البنك المركزي.

ووصف الاقتصاديون العملية بأنها مشابهة لـ «خطة بونزي«، ويقدر المسؤولون اللبنانيون أن البنك المركزي تكبد خسائر بقيمة 50 مليار دولار.

ولدى سؤاله عما إذا كان صوت لصالح الخطة، قال بيفاني «لم يتم عرضها على المجلس المركزي»، واستمر دون علم الحكومة. وتواصل العمل بها دون علم الحكومة.

على الرغم من يقين المحللين بإن الحكومة كانت على علم بالخطة، إلا أن الحكومة الجديدة أمرت بالتحقيق. لكن بيفاني يرى أن بعض السياسيين، الذين لم يسمهم، لم يرغبوا في فتح الصفحات القديمة لأن «هناك الكثير من الفساد في النظام».

وأشار الى انتشار الكسب غير المشروع في الوظائف المدنية، قائلا أن «أي موظف مدني في لبنان لديه الفرصة لكسب الكثير من المال».

لكنه أصر على أن الدائرة التي كان يديرها لم تكن فاسدة كثيرا، مضيفًا: «على المستوى العالي في إدارتي العامة السابقة، كان هناك الكثير من الأشخاص النظيفين جدًا».

  •  

جميع الحقوق محفوظة