خريف ساخن في الأردن، وحالة استعصاء تطغى على المشهد السياسي، تلقي بظلالها على جميع المستويات، إذ إن الحكومة الجديدة برئاسة عمر الرزاز ستكون بمواجهة الشعب والبرلمان من جهة، وصندوق النقد الدولي من جهة أخرى، عقب إقرارها مشروع قانون ضريبة الدخل المعدل لعام 2018، بعد ان اطاح القانون القديم حكومة هاني الملقي في يونيو الماضي. الأيام الماضية شهدت حالة غليان شعبي في مواجهة «القانون»، وصلت إلى حد طرد الوزراء من الاجتماعات واللقاءات الحوارية التي دعت إليها الحكومة مع المواطنين في المحافظات، إذ ذهبوا إلى أبعد من ذلك، مطالبين بإٍسقاط الحكومة التي وصفوها بـ«حكومة الجباية»، التي تستظل بعباءة صندوق النقد الدولي. لكن الملك عبد الله الثاني؛ لا يزال يرى أن الحكومة الحالية قادرة على مواجهة التحديات. نائب رئيس الوزراء رجائي المعشر قال إن صندوق النقد طلب من الحكومة أن يوافق مجلس النواب على الصيغة الحالية لمسودة قانون الضريبة، وأضاف أن الحكومة ستقدم حجم الاحتجاجات على مشروع القانون لصندوق النقد، مؤكدا أن «المشكلة التي يواجهها الاردن مع الصندوق هي عدم الثقة». النائب والمحلل الاقتصادي عمر قراقيش قال لـ القبس إن المواطن الأردني بات على قناعة بأن الأموال التي يدفعها لا تذهب إلى مصارفها المفترضة التي تنعكس ايجابا على شكل حياته، وهذا خلل كبير. لافتا إلى ان ما جرى مع الوزراء المسوقين للقانون من حالات طرد وشتم في المحافظات نتاج طبيعي لحالة الغليان التي يعيشها الشارع، محذرا في الوقت ذاته من أنه في حال خرج الشعب مجددا الى الشارع، فلن يعود حتى تسقط الحكومة ومعها القانون إلى الأبد، فالبرلمان لن يمرر القانون بصيغته الحالية، وخصوصا في ظل حالة الرفض الشعبي له. بدوره، قال الوزير السابق والمحلل السياسي عاكف الزعبي إن كل يوم يمر وتتأخر فيه الحكومة عن اقرار القانون، يدفع الوضع العام في البلاد الى مزيد من الصعوبات في مواجهة الشارع الذي رفع من سقف توقعاته بحياة أفضل، حينما خرج إلى الدوار الرابع في يونيو الماضي وأقال الحكومة السابقة. لكن رئيس مجلس النقباء المهنيين (14 نقابة) إبراهيم الطراونة بيّن أن الثقة معدومة بين المواطن والحكومات، وأن ما جرى للوزراء في المحافظات رد طبيعي على السياسات الحكومية التي تسعى إلى افقار الشعب. وقال الطراونة إن الحكومة الحالية والتي سبقتها عملتا «من تحت جلباب صندوق النقد الدولي»، ولم تلتفتا إلى معاناة الشعب الذي بات يعيش تحت وطأة خط الفقر المدقع، مؤكدا ان النقابات المهنية سترفض القانون قبل أن يرفضه البرلمان.