الجمعة 11 يناير 2019

«الثنائي الشيعي» يطلق 7 مايو سياسيا بوجه الرئيس اللبناني

«الثنائي الشيعي» يطلق 7 مايو سياسيا بوجه الرئيس اللبناني

«الثنائي الشيعي» يطلق 7 مايو سياسيا بوجه الرئيس اللبناني

مع بدء العدّ التنازلي للقمة التنموية الاقتصادية العربية التي تنعقد في بيروت في 19 و20 الجاري، انزلق الوضعُ اللبناني وعلى نحو دراماتيكي الى مواجهة «بلا قفازات» يخوضها المكوّن الشيعي بوجه رئيس الجمهورية العماد ميشال عون تحت عنوان معلَن هو رفْض دعوة ليبيا وحضورها القمة ربْطاً بدور نظامها السابق (معمر القذافي) في قضية تغييب الإمام موسى الصدر وعدم تعاون السلطات الحالية في كشف مصيره. وتَشابكتْ مجموعة تطورات يوم أمس مكرّسةً رسْم الطائفة الشيعية، يبمرجعيّتيْها الدينية والسياسية، «خطاً أحمر» حول مشاركة ليبيا في القمة، بدءاً من الاجتماع الاستثنائي الطارىء الذي عقده المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى بهيئتيه الشرعية والتنفيذية ووصل الى حدّ تأكيد «خيار الشارع» لفرْض منْع حضور الوفد الليبي عبر التحذير «من تَجاهُل ردات الفعل الشعبية التي يمكن أن تنتج عن الإصرار على دعوته»، وصولاً الى التراشق بالبيانات بين رئيس البرلمان نبيه بري ومنظّمي القمة التي يتم الإعداد لها بإشراف مباشر من رئيس الجمهورية على خلفية ملابسات توجيه الدعوة. وقد طغى «لغم» دعوة ليبيا على العنوان الإشكالي الموازي الذي كان أثاره بري ودعا على أساسه الى إرجاء القمة (الى جانب عدم وجود حكومة لبنانية كاملة المواصفات) والمتمثّل في غياب سورية عنها بفعل التزام لبنان بعدم وجود قرار عربي رسمي يعيدها الى مقعدها في الجامعة العربية، وسط علامات استفهام كبرى حول تداعيات هذه «الهبّة» الساخنة على القمة في ذاتها ومستوى المشاركة فيها كما على الوضع اللبناني برمّته الذي بدا أنه يتّجه نحو نفق أشدّ قتامةً في ظل انسداد أفق مسار تأليف الحكومة بالكامل، والخشية من رغبةٍ باسترهان الواقع الحكومي لملفات إقليمية قد لا تنجلي قبل مجموعة استحقاقات بينها مصير سورية ضمن الحاضنة العربية وآفاق الصراع المتعاظم بين الولايات المتحدة وبين إيران وأذرعها في المنطقة وعلى رأسها «حزب الله». وفيما لاحظت أوساطٌ سياسية أن الاندفاعة على خطّ الإصرار على دعوة سورية من خارج الإجماع العربي والمطالبة بتأجيل القمة بما تنطوي عليه من تأكيد المظلة العربية للواقع اللبناني، تزامنتْ مع «التوتر» المتنامي على خط علاقة «حزب الله» بحليفه «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) بفعل رفْض الحزب حصول فريق عون على «الثلث المعطّل» في الحكومة، لم تتوانَ عن اعتبار ما يشهده لبنان أشبه بـ 7 مايو سياسي في استعارةٍ من أحداث 7 مايو 2008 التي «انقضّ» فيها الحزب على خصومه في قوى 14 مارس بعملية عسكرية في بيروت وبعض الجبل انتهت الى كسْر قواعد اللعبة وانتزاع الثلث المعطّل عبر تفاهماتٍ «اضطرارية» كرّسها «اتفاق الدوحة». وترى هذه الأوساط ان هذه «الانتفاضة» من الثنائي الشيعي، بري و«حزب الله»، التي تستمدّ زخمها من رمزية قضية الإمام الصدر، تأتي هذه المرة بوجه الرئيس عون، الذي كان قبل 11 عاماً «في الخنْدق نفسه» مع الحزب وشريكاً له، معتبرةً أن مآل هذه المواجهة بات يرتّب أثماناً مكلفة باعتبار أنه صار محصوراً بين إما أن ينكسر رئيس الجمهورية، سواء بتطيير القمة او تسجيل حضور هزيل فيها أو إفشالها بتحرُّكٍ في الشارع، وإما أن تنهزم طائفة ضربت بيدها على الطاولة. ولم يكن ممكناً بحسب الأوساط نفسها الفصْل بين المشهد اللبناني المستجدّ والذي انتقل فيها «حزب الله»، ولو عبر «القيادة من الخلف»، للقول «الأمر لي» في «بلاد الأرز»، وبين ملامح الاستراتيجية الأميركية للمرحلة المقبلة في المنطقة التي يعبّر عنها وزير الخارجية مايك بومبيو في جولته بالمنطقة وتحديداً لجهة التصدي لإيران «التي تعتقد انها تملك لبنان، لكنها مخطئة» ولـ «حزب الله» «الذي لا يزال له وجود كبير في لبنان لكننا لن نقبل بهذا الوضع الراهن». وعلى وهج هذه الأبعاد الـ «ما فوق عادياً»، لم يكن عابراً اجتماع المجلس الاسلامي الشيعي الأعلى على نحو طارىء بهيئتيه الشرعية والتنفيذية (ومشاركة نواب أمل و«حزب الله») برئاسة رئيسه الشيخ عبد الأمير قبلان الذي استنكر افتتاحاً «دعوة السلطات الليبية للمشاركة في مؤتمر القمة الاقتصادية، فيما كان المطلوب من الدولة اللبنانية أن تسخر كل امكاناتها للضغط على السلطات الليبية لكشف مصير الإمام وأخويه»، قبل ان يعتبر المجتمعون ان دعوة ليبيا «تشكل تحدياً لمشاعر اللبنانيين وإساءة لقضية اختطاف الإمام الصدر وأخويه»، مشددين على «طلب عدم دعوة الوفد الليبي ومنْع حضوره لأن المجلس يحمل السلطات الليبية مسؤولية التقاعس عن القيام بمسؤولياتها في التعاون مع لجنة المتابعة الرسمية لهذه القضية». أما البيان الختامي للاجتماع، فذكّر الجميع «بأن موقف السلطات الليبية يستدعي اتخاذ الموقف المناسب وعدم دعوتها إلى مؤتمر القمة ورفض حضورهم لها، لا سيما أن بعض مسؤولي هذه السلطة يُعتبرون من ألد أعداء القضية ويمثلون مصالح آل القذافي ويسيئون في تصريحاتهم إلى لبنان وشعبه بشكل لا يفترض أن تسمح الكرامة الوطنية بدعوتهم أصلاً»، ومحذراً «من تجاهل ردات الفعل الشعبية التي يمكن أن تنتج عن الإصرار على دعوة الوفد الليبي»، ومعلناً إبقاء «اجتماعاته مفتوحة لمتابعة التطورات واتخاذ الموقف المناسب». وتَرافق ذلك، مع موقفٍ لنائب رئيس المجلس الشيعي الشيخ على الخطيب (عبر صحيفة «النهار») توجّه فيه الى عون «الشيعة لم يقصروا معك، وأيدوك وانتخبوك. وكان من الاجدر الاصغاء الى رموزنا والتوقف عن مسألة توجيه الدعوة الى ليبيا وضرورة مقاربتها بطريقة عاقلة، وإذا لم تسوّ الامور في شكل مدروس فإن النزول الى الشارع والتظاهر خيار وارد، وعلى الجميع أن يعقلوا». وفي موازاة ذلك، عكش السجال الذي اندلع بين بري واللجنة الإعلامية المنظّمة للقمة، تَحوّل التظاهرة العربية المنتظَرة مادة خلافية لم يتأخر في الدخول على خطها رئيس «التيار الوطني الحر» وزير الخارجية جبران باسيل من زاوية خلفيات عدم دعوة سورية الى القمة. فاللجنة الإعلامية التي حرصت على التذكير بأنه «خلال القمة العربية التي عقدت في بيروت العام 2002 شاركت ليبيا من خلال وفد رفيع المستوى»، أعلنت ان «التحضيرات للقمة التنموية بدأت منذ شهر اغسطس الماضي بالتنسيق بين مختلف الادارات الرسمية»، موضحة أن «رئيس اللجنة العليا المنظمة للقمة الدكتور انطوان شقير ورئيس اللجنة التنفيذية الدكتور نبيل شديد زارا كلاً من دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري ودولة رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري والوزراء المختصين، وأطلعوهم على كل الترتيبات المتعلقة بالقمة والدول المشاركة»، مشيرة الى أنه «في ما خص دعوة ليبيا الى حضور القمة، فقد أَبلغ دولة الرئيس بري عضوي اللجنة العليا موافقته على دعوة ليبيا على ان توجه الدعوة عبر القنوات الديبلوماسية، فتم ذلك بواسطة مندوب ليبيا لدى جامعة الدول العربية»، ولافتة الى انه «في ما يتعلق بدعوة سورية أوضح عضوا اللجنة لدولة الرئيس بري انّ»هذه المسألة مرتبطة بقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى وزراء الخارجية وليس قراراً لبنانياً». ولم يتأخّر بري في الردّ عبر مكتبه الاعلامي،وتحديداً حول موضوع دعوة ليبيا الى القمة وعدم دعوة سورية اليها، مؤكداً «ان هذه المعلومات تحديداً هي مختلقة وعارية من الصحة تماماً«، مبدياً»استغرابه الشديد ان يصل هذا الاسلوب من الاختلاقات والتلفيقات لهذا المستوى من القضايا والمقام. بل على العكس فقد زار وزير المال فخامة الرئيس بناء لطلب الرئيس بري محتجاً على توجيه دعوات الى الليبيين». ومن زحلة، كان الوزير باسيل يعلن في ردّ ضمني على بري أن «علاقتنا مع سورية هي لمصلحة لبنان بكل مكوناته ولا يمكن أن تكون موضع مزايدة داخلية يستخدمها طرف ما يريد أن يحسن علاقته الخاصة بسورية فيزايد على حساب لبنان»، معتبراً «اننا انتهينا من السياسة الخارجية المستلحقة والتابعة، نحن أصحاب سياسة مستقلة تقوم على المعاملة بالمثل لمصلحة لبنان، ونحن طليعة المطالبين بعودة سورية إلى الجامعة العربية ولن نكون مجرد تابع لغيرنا نلحق به الى سورية عندما يقرر هو ذلك». وعلى وقع هذه «السخونة» الداخلية على «جبهة القمة»، أعلن الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية رئيس مكتب الأمين العام السفير حسام زكي بعيد وصوله الى بيروت من القاهرة على رأس وفد لمتابعة الاجراءات اللوجستية الخاصة بالقمة ان هذه التظاهرة ستُعقد «في موعدها»، مؤكداً رداً على سؤال حول التجاذبات في لبنان بشأن انعقادها «ان التجاذبات سياسية داخلية ولا تخص الجامعة العربية، فالجامعة معنية بانعقاد القمة ونحن هنا لوضع الترتيبات مع السلطات اللبنانية لانعقادها، والقمة في موعدها إن شاء الله». بدوره، لفت الناطق باسم القمة المستشار الاعلامي لرئاسة الجمهورية اللبنانية رفيق شلالا الى ان «الجهوزية اكتملت وكل التحضيرات للقمة تمت لوجستيا وأمنياً والاجراءات اتخذت وستُعتمد إجراءات أمنية مشددة بحيث تكون المنطقة التي تضم الفنادق التي ستحل بها الوفود منطقة أمنية مغلقة وكذلك منطقة المؤتمر اي الواجهة البحرية لبيروت»، مشدداً على ان «القمة أعدتها الجامعة العربية ولبنان يستضيفها ويطبق الأنظمة المرعية في الجامعة، ما يعني ان مشاركة الدول ليست من مسؤولية البلد المنظّم للقمة». وكانت تقارير في بيروت أشارت إلى ان القادة العرب الذين أكدوا حضورهم هم: سمو أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، وأمير قطر، ورؤساء تونس ومصر وفلسطين وموريتانيا والسودان، في حين أكّد الباقون حضورهم من دون ان يحددوا مستوى مشاركتهم، ولم تبلغ أي دولة عدم مشاركتها.

جميع الحقوق محفوظة