الاثنين 29 يونيو 2020

«البنك المركزي» يخطّط لمنح البنوك فائدة ثابتة على أرصدتها... ليلة بليلة

«البنك المركزي» يخطّط لمنح البنوك فائدة ثابتة على أرصدتها... ليلة بليلة

«البنك المركزي» يخطّط لمنح البنوك فائدة ثابتة على أرصدتها... ليلة بليلة

كشفت مصادر ذات صلة أن بنك الكويت المركزي يخطط لتطوير أعماله للعمليات الأجنبية، بما يزيد قدرته على التدخل في السوق النقدي، باتجاه سحب فوائض أرصدة البنوك من السيولة غير المستغلة، عبر ما يراه من أدوات مناسبة.
وبيّنت المصادر أنه ضمن مبادراته الرقابية في تطوير عملياته بالسوق المفتوح، يدرس «المركزي» استحداث أداة جديدة لسحب أموال البنوك الموجودة بالحساب الجاري بدون عوائد، تسمح باستثمار هذه الأموال في ودائع لديه بأجل الليلة الواحدة، بما يضمن تدخل قرابي أكثر فعالية عند امتصاص فائض السيولة المصرفية، ومن ثم تنظيمها بما يوجه سعر الفائدة ضمن المستويات المستهدفة.
وتفصيلياً، أوضحت المصادر أن «المركزي» يبحث أن يكون ضمن أدوات تدخله الرقابي، ما يعرف عالمياً باسم عائد الأموال بأجل الليلة الواحدة، مشيرة إلى أن تطبيق هذه الأداة يعني أن تودع البنوك فوائض أرصدتها الموجودة في الحساب الجاري لدى «المركزي» في ودائع يومية تحسب فائدتها بنظام الليلة الواحدة.

مبالغ جاهزة
ووفقاً لنشرة «المركزي» عن أبريل الماضي تبلغ أرصدة البنوك المحلية المجمّعة لدى «المركزي» تحت بند حسابات جارية وتحت الطلب نحو 1.4 مليار دينار، وهي مبالغ جاهزة للسحب ولا تتقاضى المصارف مقابل جزء منها فوائد، فيما تحصل مقابل الجزء الآخر على فوائد بسيطة، ما يعني محاسبياً أنه في حال تفعيل هذه الأداة سيكون بإمكان البنوك تقليل كلفة أموالها بمعدلات، وإن كانت بسيطة، لكن قياساً بحجم أرصدتها غير المستغلة تعدّ إضافة لربحيتها.
وذكرت المصادر أن البنوك المركزية العالمية التي تطبق هذه الأداة لا تلجأ على الأرجح إلى الاعتماد على أدوات التدخل الرقابي التي يعتمد عليها «المركزي» الكويتي حالياً، سواءً بسندات أو عمليات تورق، أو بالمبادلة، وكذلك بالودائع التي يجمعها من البنوك، إضافة إلى اعتماده على متطلبات رقابية تعطي هوامش مناسبة من السيولة، بما يستقيم مع المعايير المحاسبية الدولية.

عرض السيولة
وقالت المصادر «تطبيق هذه الأداة يعني تسعير أرصدة البنوك المودعة في الحساب الجاري لدى (المركزي) بنظام الليلة الواحدة، وهذا يحدد عادة وفقاً لآليات عرض السيولة والطلب عليها»، مفيدة بأن أسعار ودائع هذه الفترة تكون دائماً منخفضة، باعتبار فترة اليوم ضيقة جداً، بخلاف آجال الأموال المودعة لفترات طويلة، وتحصل مع ذلك على معدل تسعير عال جداً قياساً بها.
وعدّدت المصادر عوائد هذه الأداة، فمن ناحية تقدم للبنوك سعر فائدة على أرصدة خالٍ من المخاطر بسبب آجالها القصيرة للغاية، موضحة أن تقديم عوائد بصفة يومية يدعم مستوى الشفافية والدقة، إلى الحدود التي تساعد البنوك في بناء منحنى دقيق للفائدة، لجهة تعاملاتها مع العملاء، إلى جانب تعزيز آلية انتقال السياسة النقدية وتحسين مرونة توفير احتياجات السيولة محلياً.
إلى جانب ذلك، تسهم هذه الأداة في رفع قدرات البنوك على تحديد فرصها الاستثمارية للأموال بعائد ثابت معروف مسبقاً، بدل تعليقها كما يحدث مع مستويات عالية من الفوائض المصرفية، إضافة إلى حساب مخاطر الفرصة، وكل ذلك يقود إلى تدعيم معدلات الدقة في ضبط الأسعار محلياً.
في المقابل، تبرز أكثر من إشكالية في وجه البنوك وقبلها «المركزي» حال تطبيق هذه الآلية وفقاً للنموذج العالمي أحادي الأداة، فالشرط الرئيس لتحقيق فعالية «عائد الليلة الواحدة» أن يكون هناك سوق اقتصادي مفتوح، يضمن استقرار العــــرض والطلب، ومعلـــــوم أن هـــــذه الحالة لا تنطبق على السوق المحلي، ما يُضعف فعالية أي تدخل رقابي لتنظيــــم السيولة المصرفية واحتياجاتها محلياً، إذا تم الاعتماد فقط على هذه الأداة منفردة.
علاوة على ذلك، يتطلب تطبيق هذه الأداة أن يكون هناك تدخل سريع جداً من قبل «المركزي» في تنظيم السيولة المصرفية، خصوصاً في حالات الطوارئ، وغالباً ما تكون تكلفة التدخلات الرقابية بمثل هذه الحالات مرتفعة، وتؤثر على سياسة حرية السوق التي تعتمد على معيار العرض والطلب.
ولفتت المصادر إلى أن «المركزي» ومستشاره العالمي يدركان جيداً حجم هذه الإشكالية، مشيرة إلى أن السيناريو الذي لا يزال محل دراسة حتى الآن ولم يتم إقراره أو رفضه رقابياً، أن يتم استدخال آلية «العائد على الليلة الواحدة» ضمن أدوات التدخل الرقابي في السوق، على أن يستمر «المركزي» في تفعيل أدواته الرقابية الأخرى، بما في ذلك طرح السندات وعمليات التورق وودائع سحب السيولة وغيرها.
وأكدت المصادر أن «المركزي» سيتابع عن كثب وبدقة أسلوب البنـوك في تسعير الأموال في ضوء أسعار التدخل التي سيطبقها في هذا الشأن، وبما يتناسب مع أسعار الفائدة الرسمية. يذكر أن «المركزي» أعلن الأسبوع الماضي تخصيص آخر إصدار لسندات وتوّرق البنك المركزي بقيمة إجمالية بلغت 200 مليون دينار لأجل 3 أشهر وبمعدل عائد يبلغ 1.250 في المئة. ويعكس الاقبال المصرفي الواسع على الاكتتاب فيما يطرحه «المركزي» من سندات خزانة لسحب السيولة من القطاع للدرجة التي يبلغ معها الاكتتاب بكل طرح مرات عدة تخمة السيولة لدى البنوك الكويتية، نتيجة السياسات الرقابية الحصيفة التي جنَّبت المصارف أي أزمة سيولة، حتى في ظل كورونا.

 لهذه الأسباب تُسحب فوائض السيولة

يقوم بنك الكويت المركزي بسحب فوائض السيولة في إطار عمليات السياسة النقدية من أجل تنظيم مستويات السيولة، بما يساهم في تحقيق الاستقرار في هيكل أسعار الفائدة المحلية على الدينار الكويتي ضمن المستويات المستهدفة لترسيخ جاذبية وتنافسية العملة الوطنية، كوعاء للمدخرات المحلية التي تستخدمها وحدات الجهاز المصرفي لتلبية الاحتياجات التمويلية لمختلف قطاعات الاقتصاد الوطني.
كما يسهم هذا الإجراء أيضاً في توفير الأجواء التي تحد في الوقت ذاته من نزوح تلك المدخرات إلى الخارج، وتعزيز الاستقرار النسبي في سعر صرف الدينار والمحافظة على قوته الشرائية، ما يأتي أيضاً في إطار عمليات السياسة النقدية لـ «المركزي» لغرض المحافظة على الاستقرار النقدي.
وهناك أيضاً معدل سعر الفائدة/‏ العائد الذي يدفعه «المركزي» إلى البنوك المحلية عن الأرصدة التي يتم سحبها من فوائض السيولة لدى هذه البنوك من أجل توجيه سعر الفائدة ضمن المستويات المستهدفة.

جميع الحقوق محفوظة