الثلاثاء 12 يونيو 2018

سلامٌ نووي في «جزيرة الموت»

سلامٌ نووي في «جزيرة الموت»

سلامٌ نووي في «جزيرة الموت»

في «جزيرة الموت» السنغافورية، كُتب أمس تاريخ جديد في العلاقات بين الولايات المتحدة وكوريا الشمالية، ما يفتح الباب أمام إنهاء واحدة من أكثر الأزمات تعقيداً في العالم. ففي ختام «محادثات القرن» التي جمعتهما خلال قمة غير مسبوقة تابعها الملايين حول العالم (فجراً بتوقيت الكويت)، وقّع الرئيس الأميركي دونالد ترامب وزعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون وثيقة مشتركة تكرّس أبرز معالم الاتفاق - الصفقة، وتؤذن بطي صفحة من التاريخ مليئة بالمواجهات والتهديدات المتبادلة، وفتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين، وتالياً إنهاء التوترات في شبه الجزيرة الكورية المقسومة منذ نحو 70 عاماً بين الشمال الشيوعي والجنوب الديموقراطي. وبعث سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد برقيتي تهنئة إلى الرئيس الأميركي وزعيم كوريا الشمالية، أعرب فيها عن خالص التهنئة بنجاح القمة التي جمعتهما في سنغافورة وما تحقق خلالها من التوقيع على بيان مشترك تاريخي تضمن أسس تحقيق علاقات سلام دائمة بين بلديهما وضمان الأمن والسلام في شبه الجزيرة الكورية. كما لقيت نتائج القمة ترحيباً دولياً، لا سيما من كوريا الجنوبية، التي قال رئيسها مون جاي إنْ، إنَّ «اتفاق سانتوسا في 12 يونيو (أمس) سيبقى في التاريخ العالمي كحدث أنهى الحرب الباردة»، ومن الصين التي اعتبرت أن القمة «تعلن بدء تاريخ جديد»، ومن روسيا التي رحبت أيضاً بالنتائج بيد أنها حذرت من «شيطان التفاصيل». وعُقدت القمة في فندق كابيلا الفخم على جزيرة سنتوسا، وهي واحدة من 63 جزيرة تتألف منهم سنغافورة، وتعرف بـ«جزيرة الموت» لأن شواطئها شهدت في الحرب العالمية الثانية مجازر مروعة (إعدامات وإلقاء في البحر)، بعد سقوط سنغافورة في أيدي اليابانيين سنة 1942 إثر استسلام القوات الاستعمارية البريطانية. وترتكز الصفقة في عناوينها العريضة على أساس نزع السلاح الذري لكوريا الشمالية مقابل حصولها على ضمانات أمنية من الولايات المتحدة بعدم تهديد نظامها، إضافة إلى وعود وتعهدات بإنعاش اقتصادها المنهك بفعل العقوبات المشددة. ورغم أن الرئيس الأميركي حرص على التأكيد أن بلاده «لم تقدم أي تنازلات»، كان لافتاً أن الوثيقة لا تأتي على ذكر المطلب الأميركي «بنزع الأسلحة النووية بصورة كاملة يمكن التحقق منها ولا عودة عنها» وهي الصيغة التي تعني التخلي عن الأسلحة وقبول عمليات تفتيش، وإنما تتضمن التزاماً بصيغة مبهمة، وهو ما فسره مراقبون بأنه «تنازل غير معلن» من قبل واشنطن. وفيما قال إنه لم يناقش مع كيم جونغ أون مسألة القوات الأميركية المتمركزة في كوريا الجنوبية (نحو 28 ألفاً و500 جندي)، أعلن ترامب أن الولايات المتحدة ستوقف المناورات العسكرية باهظة الكلفة «والاستفزازية للغاية» مع كوريا الجنوبية، بيد أنه أكد أن العقوبات على كوريا الشمالية ستظل قائمة في الوقت الراهن حتى يتم نزع السلاح النووي. وهنا أيضاً تحدث مراقبون عن «تنازل غير معلن» لأن وقف المناورات الأميركية - الكورية الجنوبية لطالما تصدرت مطالب كوريا الشمالية. وكانت لافتة إشادات ترامب بزعيم كوريا الشمالية الذي وصفه بأنه «ذكي جداً وموهوب جداً وجدير بالاحترام ومفاوض صعب للغاية ويحب بلاده بشدة». أما كيم جونغ أون فسُمع يقول لترامب من خلال مترجم، «أعتقد أن العالم كله يتابع هذه اللحظة. الكثيرون في العالم سيعتقدون أن هذا مشهد... من فيلم خيال علمي».

جميع الحقوق محفوظة