الخميس 01 أبريل 2021

«تأجيل الاستجوابات»... غير دستوري؟

«تأجيل الاستجوابات»... غير دستوري؟

«تأجيل الاستجوابات»... غير دستوري؟

أثار قرار تأجيل الاستجوابات التي قدمت أو المزمع تقديمها لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد إلى ما بعد دور الانعقاد الثاني، والذي اتخذه مجلس الأمة بناء على طلب رئيس الوزراء في جلسته غير المسبوقة المنعقدة الثلاثاء الماضي، والتي شهدت مقاطعة 30 نائباً لها إشكاليات دستورية ولائحية، تحدث عنها الكثير من النواب، واستمرت تداعياته في تصريحاتهم بأروقة مجلس الأمة أو على منصات التواصل الاجتماعي.

وطعن النواب في دستورية القرار مستندين إلى نص المادتين 110 و135 من اللائحة، وسط تصعيد في حدة الخطاب، معتبرين أن ما حدث بمنزلة عبث بإرادة الأمة وانقلاب على الدستور، وتوعدوا بالعمل على إلغائه الجلسة المقبلة.

عبر حسابه على موقع التواصل الاجتماعي تويتر نشر النائب مساعد العارضي صورة لسجل الاستجوابات التي تم تقديمها والموثقة على موقع مجلس الأمة والتي غاب عنها استجوابه الذي قدمه لرئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد.

وقال العارضي: تقدمت باستجواب لرئيس مجلس الوزراء ولم يقم رئيس مجلس الأمة بإدراجه على جدول أعمال اول جلسة تالية حتى الآن في مخالفة صريحة لنص المادة 135 من اللائحة الداخلية، مستدركاً بالقول: والله ان كل محاولاتك غير الدستورية لن تحمي حليفك.

وأكد العارضي ضرورة الالتزام بما تنص عليه اللائحة الداخلية لمجلس الأمة خاصة في المادة 135 منها، والتي تلزم رئيس المجلس بإدراج الاستجواب الذي تقدمت به إلى رئيس مجلس الوزراء سمو الشيخ صباح الخالد على جدول أعمال أول جلسة قادمة، وعلى رئيس الوزراء صعود المنصة ومواجهته خلالها.

 

الدور الثاني

 

وأضاف العارضي أن القرار الذي اتخذه المجلس بتأجيل الاستجوابات التي قدمت أو المزمع تقديمها لرئيس الوزراء إلى ما بعد دور الانعقاد الثاني هو قرار باطل دستوريا، لا سند له من اللائحة والدستور، ولن نقبل أن يتم التعامل بهذه الطريقة مع أهم أداة رقابية، مستغرباً عدم إعلان الغانم في تصريحه بإدراج استجوابي على أول جلسة قادمة كما يفعل مع كل استجواب يتسلمه، مستدركا بالقول: لن نسمح بوأد أداة الاستجواب تحت أي ذريعة.

وتابع فوجئت بعدم إدراج استجوابي على جدول أعمال أول جلسة تالية، والمادة 135 واضحة، حيث أوجبت على رئيس المجلس إبلاغ رئيس الوزراء بالاستجواب، فور تسلمه، وإدراجه على أول جلسة تالية.

وأضاف العارضي: ما يحدث انتهاك للدستور وتفريغ له من محتواه، ولم أجد أي مادة في الدستور أو اللائحة تعطي هذا الحق، ومادام هناك تفريغ للدستور أجلوا الاستجوابات أربع سنوات، وكذلك استجوابات الوزراء، فحتى الأسئلة لا تردون عليها، وعلى الغانم إدراج استجوابي الجلسة المقبلة، وعلى الخالد صعود المنصة ومواجهته.

 

الفيلي: لا أثر على الاستجوابات المستقبلية

أكد الخبير الدستوري أستاذ القانون العام في كلية الحقوق بجامعة الكويت د. محمد الفيلي أن المادة 135 من اللائحة الداخلية لمجلس الأمة نظمت مسألة تأجيل الاستجوابات المقدمة لا الاستجوابات المستقبلية التي سوف تقدم.

 

وأوضح الفيلي لـ "الجريدة" أن التصويت الذي تم في جلسة الثلاثاء الماضي على تأجيل استجوابات رئيس الوزراء الى ما بعد نهاية دور الانعقاد الثاني من الفصل التشريعي السادس عشر، يفهم منه أن لدى مجلس الأمة قناعة بأن الاستجوابات المستقبلية يمكن أن تعامل مثل معاملة الاستجواب المؤجل، مؤكدا انه ليس لتصويت المجلس السابق أي اثر على الاستجوابات التي ستقدم، ولكن يفهم من تصويت الاعضاء انه موقف سياسي يتضمن تعبيرا عن قناعة المجلس.

وأضاف الفيلي: يجب ان يفهم من طبيعة المادة 135 من اللائحة، وهي دائما ما تشكل اشكالية في ذلك، أن للعضو الحق في تقديم الاستجواب وللمجلس حق تحديد موعد مناقشته لان المجلس هو من يحدد جدول اعماله، ويفترض ان تحدد قرارات المجلس بناء على المستقبل وفقا للمشاريع او البرامج التي يرى السير عليها.

وأوضح أن المادة 135 استخدمت اسلوب تنظيم الوقت وفق سلطة تقديرية للمجلس بغرض عدم مصادرة حق العضو في الاستجواب، وأن التصويت على التأجيل لوجود تصور في برنامج عمل بين المجلس والحكومة من الناحية التنظيمية ولكن وضع كل حالة استجواب على حدة.

وقال الفيلي: يبقى السؤال هل نحن بصدد تصويت فعلا لمصادرة حق النائب في الاستجواب ام بتصويت ينطلق من اعتبارات واقعية؟ فهذا الامر يجب ان يطرح في كل تصويت، مضيفا: هذا يفتح بابا مستحقا لتعديل اللائحة لوضع معايير اكثر انضباطا لتحقق المعادلة بين حق الاستجواب وحق المجلس في ادارة وقته.

 

 

كلوب هاوس

 

ومن خلال "كلوب هاوس" تحدث النائب د. عبدالعزيز الصقعبي عما اعتبرها مخالفات دستورية في قرار تأجيل الاستجوابات، الذي تناول في بداية حديثه مسألة مقاطعتهم للجلسة، مشددا على أنها كانت رسالة سياسية واضحة وصريحة جدا لكلا الرئيسين، وهي تعبير عن استياء شعبي واضح لما يحصل داخل أروقة البرلمان، لا يمكن لكائن من كان لا رئيس مجلس الأمة ولا رئيس مجلس الوزراء أن ينفرد بالقرار السياسي.

وأضاف الصقعبي: وصل الينا خبر بأن الحكومة تمكنت من تأدية القسم الدستوري أمام المجلس بتحالف أقلية، واستطاعوا أن يكونوا أغلبية وهمية لا تعبر عن إرادة الناس والشعب الكويتي.

وعن موضوع تأجيل الاستجوابات، قال الصقعبي: "تخيل معي لا تستطيع استجواب رئيس الوزراء، إلا بعد دور الانعقاد الثاني، أي بعد سنة ونصف! وين صارت هذه؟"، مشددا على أن ما حصل اليوم مخالف للائحة ومخالف تحديدا لنص المادتين 110 و135 من اللائحة الداخلية وعليه يكون باطلا وما بني على باطل فهو باطل.

وتابع: حتى يتم تأجيل الاستجواب لابد أن يطلب المستجوب أولا أسبوعين ويجاب إلى طلبه في البداية، ثم بعد ذلك إذا أراد مدة مماثلة يجب أن يحصل على موافقة المجلس، والمدة هي أسبوعان فقط، وإذا أكثر من ذلك حسب المادة 110 من اللائحة الداخلية نتكلم عن اغلبية مطلقة أي 33 عضوا، ولابد أن يكون التصويت نداءً بالاسم، مستدركاً: والرئيس عندما صوت أخطأ في هذا فهو صوت وكانت النتيجة 29 صوتا من 34 من الحاضرين بعدها انتبه إلى هذا الخطأ وصلحه وحصل على عدد الـ 33 الذي يريده.

ولفت إلى أن التصويتين كانا برفع الأيدي وهذه مخالفة ثانية للمادة 110 من اللائحة الداخلية التي نصت بشكل واضح على أن التصويت يجب أن يكون نداءً بالاسم في حالات محددة ضمنها التصويتات التي تستدعي أغلبية خاصة.

وفي السياق ذاته، كشف النائب خالد العتيبي أن منع بدر الداهوم من دخول مجلس الأمة في الجلسة الماضية هدفه اسقاط عضويته وضمان وجود بقية النواب خارج قاعة عبدالله السالم.

وقال العتيبي في تصريح صحفي: منذ صدور حكم الدستورية بشطب عضوية الداهوم كان يدخل مجلس الأمة ويعقد اجتماعات في مكتبه دون أن يمنعه أحد، فلماذا منع دخوله يوم جلسة الثلاثاء؟!

واعتبر أن "ما حدث في جلسة الثلاثاء انتهاك صريح للدستور، ولم تطبق المادة ٥٠، ورئيس المجلس تجاوز القانون وأعلن خلو مقعد الداهوم من دون تصويت، وهو الامر المخالف للدستور"، مضيفا: اننا خسرنا جولة ولكن هناك جولات، وستكون الجلسة القادمة جلسة حق لنصرة الدستور.

وأكد أن "وجود قوات الشرطة على مقربة من مجلس الامة يعد مخالفة لنص المادة 118 من الدستور، وأنا أعرف السيناريو الذي كان مخططا له في الاصل"، موضحا أن "السيناريو المخطط له في منع الداهوم هو الاحتكاك مع رجال الامن وحرس مجلس الامة وهذا ما لم يتم، ونحن أحرص على رجال الامن وحرس المجلس منهم، هم يبحثون عن امر ليظهرونا بمظهر المؤزمين".

 

 

ولفت الى أن "النواب أحرص على رجال الامن من رئيسي السلطتين التشريعية والتنفيذية، ومن العار ان تقسم الحكومة في قاعة شبه خالية وهي وصمة عار للحكومة"، مضيفا أنه "بعد قسم رئيس الوزراء على الدستور انتهكه في طلبه عدم مناقشة أي استجواب يقدم له الا بعد سنتين".

وتساءل: ماذا لو قام رئيس الوزراء بعمل كارثة واستحق المساءلة السياسية عليها لكونه هو المسؤول عنها؟ كيف لنا أن نناقشه بعد سنتين؟! في أي دستور هذا؟

وتابع: ليس من شأني أن أحاسب النواب الذين صوتوا على ذلك بل الامة هي التي تحاسبهم، لكن رئيسي السلطتين داسا في بطن الدستور، ومزقا المجتمع، وحتى القبيلة الواحدة صار فيها ما صار للمحافظة على منصبيهما، وبيننا وبينهم الجلسة القادمة، وقرارات الجلسة الماضية لا اثر لها وباطلة، فنحن أقسمنا على احترام االدستور وليس انتهاكه".

وذكر العتيبي أن "الدستور الذي أسسه الرئيسان صباح الخالد ومرزوق الغانم أنا أول المتمردين عليه، فهذا ليس بدستور إنما عبث بإرادة الامة وضرب بالدستور ولن نقبله".

 

صفحة جديدة

 

بدوره، كشف النائب مهند الساير أن «قرارنا منذ الانتخابات قبل الخامس من ديسمبر بعدم منحنا الصوت لمرزوق الغانم في انتخابات رئاسة مجلس الأمة كان صائبا».

وقال الساير، في تصريح صحافي، إن «الغانم أعلن أنه سيفتح صفحة جديدة مع النواب في الجلسة الافتتاحية، وهي كانت بيضاء، كتب عليها التجاوز على الدستور، وما يحدث اليوم من تجاوزات على الأمة والدستور لم نشهده منذ عام 85».

وخاطب المواطنين بقوله «نقف أمامكم اليوم بأحداث تاريخية وقرارات سيئة، أهمها تحصين رئيس الوزراء لمدة تتجاوز سنة ونصف السنة حتى الاستجوابات المزمع تقديها، فهذا لم يحدث سابقا، ولن يحدث بإذن الله».

 

الحقوق الدستورية

 

وأضاف «حتى خبراؤهم الدستوريون الذين كانوا يحاولون التبرير لهم في كل مناسبة لم يتجرأوا على تبرير هذا الموقف»، معتبراً أن تأجيل استجواب لم يدرج على جدول الأعمال انقلاب على الدستور.

وتساءل «كيف يتم تحصين رئيس الوزراء عن استجوابات لم تقدم أو تناقش؟، وكيف يمتلك نواب الحق بتعطيل حقوقنا الدستورية؟».

وقال «استجوابنا القائم الذي قدمته مع النائبين حسن جوهر ومهلهل المضف، الذي يفترض أن يدرج بالجلسة القادمة، لن نقبل أي نتنازل عن أن يكون موجودا بهذه الجلسة، فهذا حق دستوري منحنا إياه المشرع، ولا يملك كائن من كان أن يمنعنا من ممارسة حقوقنا».

وتابع «هم اعتادوا في مجالس سابقة أن مثل هذه التجاوزات تمر مرور الكرام، واننا لن نتمسك بحقوقنا لكنهم مخطئون، ولن نتنازل عن حقوقنا، ولن نحول المؤسسة التشريعية والرقابية لخدمة مصالحهم،

كما اننا لن نقبل بتجريد مجلس الأمة من ادواته الدستورية، فهم يريدون أن يجعلوا المؤسسة التشريعية شكلا للديمقراطية فقط، وفي المقابل يمررون ما يريدون، وهناك اتفاقيات تتم مع بعض النواب في غرفهم المغلقة».

 

تعديل على اللائحة بإعفاء رئيس المجلس من منصبه

 

أعلن النائب د. عبدالعزيز الصقعبي تقدمه باقتراح بقانون لتعديل اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، بإضافة بعض الفقرات للمادة 28 منها تقضي بتمكين أعضاء مجلس الأمة من تقييم ومحاسبة وإعفاء رئيس مجلس الأمة من منصبه.

وقال الصقعبي في تصريح أمس إن المقترح ينص على أن يقدم طلب مكتوب بهذا الخصوص من ثلث أعضاء مجلس الأمة والتصويت عليه نداء بالاسم وبأغلبية الأعضاء، على ألا يتم تقديم هذا الطلب إلا مرة واحدة في دور الانعقاد حتى ينال المشروع أهمية وجدية.

وأوضح أن هذا الاقتراح ليس شخصانيا ولا يسيء لأحد بل هو من أجل ترسيخ مبدأ ثابت وحتى يكون هناك استقرار برلماني وحتى يتحرر مجلس الأمة من قيود ورقابة الرئاسة، مضيفا ان "التعديل يخضع أي رئيس لمجلس الأمة اليوم أو في المستقبل للرقابة الشعبية الماثلة بتوجه أغلب نواب الأمة".

وزاد متسائلا: كيف أن أعلى هرم في السلطة التنفيذية يمكن محاسبته وتقييم أدائه بل حتى إعلان عدم التعاون معه، وفي المقابل نجد أن رئيس السلطة التشريعية لا سلطان عليه ولا أحد يحاسبه أو يقيم أداءه؟!

وأكد أن "أداة الاستجواب هي أهم أداة رقابية برلمانية لدى النائب، وتعطيلها مخالفة صريحة للائحة الداخلية لمجلس الأمة".

وبين أن "هذه الممارسة البرلمانية الديمقراطية موجودة في كثير من البرلمانات العربية والأجنبية، ومؤخرا شهدنا الكثير من المحاولات في عدد من البرلمانات كالبرلمان التونسي والمغربي والجزائري بل وحتى في الكونغرس الأميركي".

 

عدم جواز تصويت الوزراء على المسائل المتصلة بالاستجواب

 

تقدم النائبان ثامر السويط وخالد العتيبي باقتراح بقانون بإضافة فقرة جديدة الى المادة 1 من القانون رقم 12 لسنة 1963 بشأن اللائحة الداخلية لمجلس الأمة، نصها الآتي: "ولا يجوز للوزراء المشاركة في التصويت على المسائل المتصلة بالاستجواب، وطرح موضوع عام للمناقشة أو في أي اختصاص رقابي آخر".

وتقضي المذكرة الإيضاحية للاقتراح بقانون بإضافة فقرة جديدة إلى المادة رقم 1 لسنة 1963 المشار إليه فقرة جديدة ذكر فيها عدم جواز مشاركة الوزراء في التصويت على المسائل المتصلة بالاختصاص الرقابي لمجلس الأمة، كقرار إحالة الاستجواب إلى "التشريعية" و"القانونية"، أو تأجيل وشطب الاستجواب من جدول الأعمال، وكذلك الأمر بالنسبة الى باقي الأدوات الرقابية، كالأسئلة البرلمانية وطلبات تشكيل لجان التحقيق، والعلة من التعديل هو تلافي تعارض المصالح بين الحكومة وبين رقابة مجلس الأمة على أعمالها.

جميع الحقوق محفوظة