الأحد 13 سبتمبر 2020

البنوك تغازل بعضها بقروض طويلة الأجل

البنوك تغازل بعضها بقروض طويلة الأجل

البنوك تغازل بعضها بقروض طويلة الأجل

في أعقاب تفشي وباء فيروس كورونا، برزت تحديات ائتمانية واسعة أمام البنوك المحلية، لم تسلم منها حتى المصارف العالمية، لجهة تصريف فوائض السيولة، وذلك بعد تراجع الفرص الائتمانية ذات معدلات المخاطر المنخفضة، في ظل الأضرار الواقعة على الشركات، ومن بينها الأعباء الاقتصادية المتنامية، ما زاد من ركود سوق القروض، خصوصاً من الأوزان الثقيلة.
وإلى ذلك، أحيت بنوك محلية خيار العمل على تسجيل نمو ائتماني عضوي، ما يعني زيادة وتيرة القروض التي تمنحها مباشرة داخل قطاعها، أي لصالح بنوك أخرى، وليس كما درجت العادة لشركات وأفراد، ذلك ضمن تحركات مصرفية أوسع تهدف إلى تخفيف ضغوطات السيولة المتزايدة، وترتيب سلّم الاستحقاقات لدى البنوك المقترضة، لا سيما أن القروض الممنوحة لآجال المدى الطويل كانت الأكثر نشاطاً في هذا الخصوص.
وإلى ذلك، كشفت مصادر ذات صلة لـ«الراي» أن سوق القروض المباشرة بين البنوك «لا يشمل عمليات فيما بين البنوك (اﻹنتربنك)» شهد في الفترة الأخيرة انتعاشة ملحوظة في حركة تسهيلاته على المدى الطويل، وتحديداً للآجال التي تتجاوز عاماً وتصل إلى 3 سنوات وأكثر.

ارتفاع ملموس
وأوضحت، أن حجم التمويلات المباشرة بين المصارف محلياً سجل في الفترة الأخيرة ارتفاعاً ملموساً لجهة القيمة الممنوحة، وأعداد تلك التمويلات، قياساً بالسنوات الماضية، مشيرة إلى أن هذه التسهيلات شملت مصارف محلية، وأخرى خليجية.
ولفتت المصادر إلى أن أسعار الفائدة على هذه القروض تتراوح بين 2.5 و3 في المئة، وذلك حسب حجم التمويل الذي وصل في بعض العمليات إلى 100 مليون دولار، و50 مليون دينار، مضيفة أن التركز التمويلي الأكبر كان بالدولار والدينار، فيما شملت العمليات الممنوحة تمويلات بعملات أخرى، وأبرزها اليورو.
وتحليلياً، قد يتساءل البعض عن أسباب لجوء البنوك إلى الاقتراض المباشر، وأهمية ذلك في وقت يعاني فيه سوق فيما بين البنوك «اﻹنتربنك» ركوداً واسعاً رغم توافر الأموال المتاحة للإقراض لدى جميع البنوك المحلية؟
وفي هذا الخصوص، أوضحت المصادر أن تمويلات «اﻹنتربنك» قصيرة الأجل، ويتم الاعتماد عليه في تمويل الاحتياجات السريعة فقط، أما القروض المباشرة فهي طويلة الأجل، ويمكن من خلالها توظيف السيولة لأكثر من هدف.

القروض المباشرة
وذكرت المصادر أن البنوك المحلية لم تكن تلجأ كثيراً إلى هذه النوعية من القروض المباشرة، سواءً كانت اقتراضاً أو إقراضاً، على أساس أنها كانت تسجل نمواً مقبولاً في تمويلاتها سنوياً، إضافة إلى أنها كانت تتمتع بقاعدة أوسع من الودائع الحكومية المستقرة، ومن ثم التمتع بمصدات أكبر من الأموال التي تحسّن سلّم استحقاقاتها.
لكن في الفترة الأخيرة طرأ أكثر من متغير مهم على سياسة البنوك المحلية في إدارة السيولة، بسبب ارتفاع معدلات الفوائض لديها من جهة، وتراجع معدلات الودائع المستقرة لديها من ناحية أخرى.
فكما هو معلوم تراجعت المقدرة الائتمانية للعديد من الشركات والأفراد في الفترة الأخيرة بسبب تداعيات كورونا، في وقت تأجلت فيه غالبية المشاريع الحكومية التي كانت تساعد في سحب الفوائض، ما قلّل من فرص النمو الائتماني.
وفي المقابل، لوحظ مصرفياً زيادة السحوبات الحكومية من الودائع، وتحديداً المؤسسة العامة للتأمينات الاجتماعية التي تظهر أوراق رسمية أن إجمالي قيمة ودائعها الخاصة تراجعت في نهاية مارس الماضي بنحو 60 في المئة، وبما قيمته 6.489 مليار دينار لتبلغ 4.367 مليار، مقارنة مع 10.85 مليار في نهاية مارس 2019، حيث تم توجيه هذه الأموال لبناء مراكز استثمارية جديدة لـ«التأمينات».
وتاريخياً، سجلت ودائع «التأمينات» نمواً متتالياً قبل أن تشهد تراجعاً، حيث بلغ إجمالي قيمتها في نهاية مارس 2014 نحو 9.29 مليار دينار، ارتفعت في 2015 إلى 10.71 مليار، وفي 2016 إلى 11.8 مليار، لتتراجع في 2017 إلى 11.36 مليار، وتعاود الارتفاع في 2018 لتصل إلى 11.48 مليار، ثم عادت لتنخفض في 2019 إلى 10.85 مليار، وواصلت التراجع في نهاية مارس الماضي، بالقيمة الأكبر، إلى 4.367 مليار دينار.

فوائض السيولة
وبالطبع، سعت الهيئة العامة للاستثمار إلى التعويض على البنوك، بتوفير جميع الودائع التي تحتاجها المصارف، وبأسعار مقبولة سوقياً دون مبالغة، إلا أنه من الواضح أن هذا التوجه لم يكن كافياً لتقليل حاجة بعض البنوك إلى تغذية مراكزها وترتيب سلم استحقاقاتها، بالاقتراض من بنوك تشكو من فوائض السيولة.
وإلى ذلك، أعادت البنوك المحلية الأضواء على القروض المباشرة، فمن ناحية تساعد هذه العمليات في تخفيف ضغوطات فوائض السيولة، وبالنسبة للبنوك المضطرة إلى الاقتراض تمثل لها حلاً تعويضياً عن الودائع الحكومية التي تراجعت في الفترة الماضية.
علاوة على ذلك، يمكن تصنيف مثل هذه القروض ضمن الودائع التي يمكن للبنك بناءً عليها منح قروض إضافية لعملائه، ما يعني زيادة هامشه الائتماني المتاح للإقراض، سواءً للأفراد أو الشركات، وبالتالي رفع القدرة التشغيلية للبنك، خصوصاً أنه يمكن الاستفادة من هذه القروض في رفع المساهمة بالتمويلات التنموية التي يمكن أن تطرحها الحكومة في الفترة المقبلة.

جميع الحقوق محفوظة