الاثنين 11 نوفمبر 2019

لبنان: تأهب لـ«ثلاثاء الغضب».. إقفال وعصيان

لبنان: تأهب لـ«ثلاثاء الغضب».. إقفال وعصيان

لبنان: تأهب لـ«ثلاثاء الغضب».. إقفال وعصيان

تصعيد لافت في حركة الاحتجاجات الشعبية في لبنان شهدتها بداية الأسبوع على وقع تأهب المحتجين لـ«ثلاثاء الغضب»، عبر دعوات لإقفال عام وعصيان مدني اليوم، يتخلله قطع الطرقات المؤدية إلى مجلس النواب في محاولة لمنع انعقاد جلسة برلمانية كانت مقررة اليوم قبل أن يعلن رئيس البرلمان نبيه بري إرجاءها «نظراً للوضع الامني المضطرب في البلاد». وهو ما اعتبره الثوار انتصارا جديدا يسجله الشارع المنتفض في وجه السلطة. إلى ذلك، طلب بري من نواب ووزراء كتلة «التنمية والتحرير» الحاليين والسابقين رفع السرية المصرفية. وقال في كلمة متلفزة «نهدف إلى تشكيل حكومة جامعة لا تستثني الحراك»، معتبراً أن الحملة على الجلسة التشريعية للمجلس تهدف إلى استمرار الفراغ في المؤسسات.

وكان المدير العام لقوى الامن الداخلي اصدر مذكرة إلى القوى الامنية أمرهم فيها برفع نسبة الجهوزية الى 100 % اعتبارا من فجر اليوم وإلى حين صدور أمر معاكس بهذا الشأن. في وقت اعلن وزير التربية في حكومة تصريف الاعمال اكرم شهيب اقفال المدارس والجامعات لعدم تعريض الطلاب لأي اذى.

في المقابل، تنشط السلطة على خطين، اقتصادي مالي، من خلال اجتماعات مالية تبحث في السبل الآيلة الى طمأنة الناس وإيجاد مخارج مؤقتة للأزمات الراهنة، على غرار اجتماع بعبدا السبت الذي «انتهى كما بدأ» من دون أي جدوى.

اما سياسياً، فلا تزال المشاورات والاتصالات بين أحزاب السلطة، لا سيما التيار الوطني الحر وحزب الله ورئيس حكومة تصريف الاعمال سعد الحريري ناشطة من دون التوصل الى أرضية مشتركة لناحية شكل الحكومة وحجمها ومهمتها.

في حين أشار الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله أمس في خطاب بمناسبة يوم الشهيد إلى «استمرار اللقاءات»، ممتنعاً عن الكلام حول الوضع الحكومي.

وعن الحراك الشعبي، قال: «كنت دائماً أدعو إلى التركيز على الإيجابيات، وهناك نقاط خلافية حتى بين المتظاهرين مثل إلغاء الطائفية السياسية، على سبيل المثال، لكن مع توافر نقاط أساسية إجماعية بين الكل، أبرزها استعادة الأموال المنهوبة، ومحاكمة الفاسدين وغيرها من المطالب».

ورأى نصرالله أنه «بفضل ما حصل لا يمكن لأحد أن يحمي فاسداً سواء كان حزباً أو سياسياً أو مرجعية دينية أو طائفة»، واصفاً الأمر بأنه «تطور إيجابي». وقال: «المطالب المتعلقة بمكافحة الفساد ومحاكمة الفاسدين واستعادة الأموال المنهوبة لا علاقة لها بتشكيل الحكومة»، متوجهاً لمجلس القضاء الأعلى بالقول «ابدأوا بملفّاتنا إذا كنّا متورّطين».

القطاعات الإنتاجية مضروبة

وفي السياق، أوضح نصرالله أن «القطاعات الإنتاجية في البلد مضروبة، كالزراعة والصناعة، إضافة إلى تراجع الخدمات التجارية والسياحية».

ورأى أن «أميركا تعطل اقتصاد البلد من خلال منعها الشركات الصينية من القيام بمشاريع تحرك عملية الاقتصاد وتخلق فرص العمل»، مشيرًا إلى أنّ الشركات الإيرانية مستعدّة للاستثمار في البلد، لكن واشنطن تمنعها.

وعن إعادة الإعمار في سوريا سأل «لماذا لا تذهب الشركات اللبنانية إلى سوريا؟»، وأجاب: «لأنها تخاف العقوبات الأميركية».

واعتبر أن «العقوبات على المصارف هي لإحداث فتنة بين اللبنانيين»، لافتاً إلى «أثر هذه العقوبات في تحويلات المغتربين اللبنانيين إلى لبنان».

وطالب بـ«حكومة سيادية لبنانية تقول للأميركي: اسمح لي وحل عن سماي».

 

كما طالب الشعب اللبناني بـ«المزيد من الوعي»، لافتاً إلى أن «ما قاله وزير خارجية أميركا بومبيو، عندما اتهم إيران بأنها سبب مشاكل لبنان، وقاحة وظلم وافتراء».

وحذر من «ركوب الأميركي موجة الاحتجاج لأنه لا يرى إلا مصلحته»، متسائلاً «عن أي نفوذ إيراني في لبنان يتكلم بومبيو، هل هو في المصارف أم في المؤسسات الأمنية؟ ما قصده بومبيو بالنفوذ الإيراني إنما هو المقاومة، هذه المقاومة التي تحمي لبنان».

الحاكم: استقرار الليرة

وفي السياق المالي، خرج حاكم مصرف لبنان بعد طول انتظار ليضع اللبنانيين أمام حقيقة واقعهم المالي والنقدي محدداً هدفين للمرحلة الجديدة: الحفاظ على الاستقرار في سعر صرف الليرة، مؤكدا أن «المصارف تتعاطى بالسعر الذي اعلنه مصرف لبنان، وإمكاناتنا متوافرة لذلك»،

اما الهدف الاساسي الثاني فهو حماية المودعين والودائع، موضحاً أن المصارف اتخذت ما يقتضي من اجراءات حتى لا تكون هناك خسائر يتحملها المودعون.

وطمأن سلامة الى ان لا اقتطاع من الودائع ابدا، فـ«الالية التي وضعناها هي لحماية المودع من خلال عدم تعثر اي مصرف». ولفت الى ان المصارف تستطيع الاستلاف من مصرف لبنان بالدولار ولكن هذه الاموال غير قابلة للتحويل الى الخارج.

واستعرض سلامة المحطات السياسية التي مر بها لبنان منذ سنوات والتي انعكست بشكل سلبي على الوضع المالي والنقدي من فراغات حكومية الى تأجيل للانتخابات النيابية الى استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري من السعودية.

ودافع سلامة عن الهندسات المالية التي اجراها عام 2016 قائلا انها سمحت بتكوين احتياطيات كبيرة دعمت الليرة وساعدت بتطبيق المعايير الدولية للعمل المصرفي لم يستخدم فيها المال العام.

وألقى سلامة باللائمة على تقارير اعلامية سلبية وشائعات وبث اخبار من قبل اشخاص غاياتهم سلبية ساهمت في زعزعة الثقة بالبلد، وأثرت في معنويات الأسواق، مضيفاً انه في ظل هذه المعطيات كان هدف مصرف لبنان ان يلعب دوره كما حدده القانون وهذا الدور يتجلى بالحفاظ على الثقة بالليرة اللبنانية التي هي اداة لتأمين نمو اقتصادي واستقرار اجتماعي. وتزامنا مع مؤتمر سلامة أصدر اتحاد نقابات موظفي المصارف بياناً أعلن فيه الإضراب العام اعتباراً من صباح اليوم حتى استقرار الأوضاع العامة.

وكان الاتحاد ألمح الى اضرابه في الأسبوع الفائت وذلك بعد تعرض موظفي المصارف الى الاهانات والشتائم وحتى الاعتداءات من قبل المودعين إضافة الى حال الفوضى التي أوجدت في عدد من فروع المصارف مما أدى الى حال من الإرباك والقلق والخوف لدى الموظفين.

لا يطمئن

وبينما رحب بعض الخبراء الاقتصاديين بكلام سلامة رأى آخرون ان كلامه لم يحمل أي تطمينات للناس. الخبير المصرفي مروان خير الدين قال إنه منذ تاريخ استقلال لبنان لم يخسر أي مودع أمواله في المصارف اللبنانية، وحاكم مصرف لبنان رياض سلامة أكّد هذا الأمر بما لا يقبل الشك، لافتًا إلى أنّ سلامة طلب من المصارف أن تدير السيولة، وطلب من المصارف أن تؤمّن حاجات المواطنين، من دون أن تتسبّب بمشكلة.

في المقابل، أشار الخبير الاقتصادي وليد ابو سليمان الى انه في المدى القصير وفي ظل هذه الظروف لا يمكن تحرير صرف الليرة، لأن الفقر والبطالة سيتفاقمان وسيتم تقويض القدرة الشرائية، لا سيما أن معظم اللبنانيين مدخراتهم بالليرة. وأوضح أبو سليمان ان تحرير سعر صرف الليرة في هذا الوقت سوف يطيح مدخرات صغار المودعين ومن خلفه تعويضات صندوق الضمان الاجتماعي إضافة إلى ارتفاع نسبة التضخم.

  •  

جميع الحقوق محفوظة